هل كانت لديك توقعات وأحلام عظيمة لنفسك لم تحقق منها شيئاً؟
أعلم أن الكثيرين منا سوف يجيبون بـ "نعم" على هذا السؤال، وتستطيع أن تضمني إلى قافلة الـ "نعم" هذه!
هل يعني ذلك أننا فاشلون؟!
بداية، الحق الذي لا شك فيه أننا جميعاً فاشلون وناجحون في نفس الوقت واللحظة. فكيف ذلك؟
نظرة إلى أعلى سوف تشعرك أنك فاشل شديد الفشل والخيبة. أتبعها بنظرة إلى أسفل وسوف تحمد الله حمداً كثيراً أن فضلك على كثير ممن خلق وجعلك ناجحاً نجاحاً باهراً عظيماً!
إذا افترضنا أن معيار المقارنة هو العمر، فهناك من هو في نفس عمرك، في مكان ما، حقق نجاحاً أكثر منك، مهما كان مجالك. وهناك كذلك من هو في نفس عمرك وينظر إلى ما حققته أنت على أنه حلم بعيد المنال!
قد تقول أنك لم تحقق شيئاً أبداً يستحق أن ينظر إليه آخر على أنه حلم بعيد المنال، أليس كذلك؟ حسناً، لو أنك تقرأ هذه الكلمات الآن على شاشة الكمبيوتر، فإن ذلك يعني أنك ولدت في عائلة وفي ظروف أتاحت لك أن تتعلم وربما تتخرج من الجامعة. في نفس هذه اللحظة هناك عشرات الملايين في نفس عمرك ولا يجيدون القراءة والكتابة، تصور كيف ينظر هؤلاء إليك! وهناك عشرات أو مئات الملايين لم ينظروا في شاشة كمبيوتر منذ خرجوا من أرحام أمهاتهم! وهناك من هو في مثل عمرك، في هذه اللحظة ذاتها، يعيش مثل العبد ولا يكاد يجد قوت قومه، ألا تعد ظروفك أنت الآن مثل الحلم عند هذا الإنسان المحروم! نحن نعيش في عالم بائس عانى من ظلم الإنسان ما جعل مجرد القدرة على القراءة والكتابة والنظر في شاشة كمبيوتر وراحة البال من قرصة الجوع في عداد الأحلام والأمنيات شبه المستحيلة عند مئات الملايين من البشر، هذه هي الحقيقة!
نحن نحتاج فقط إلى شيء من التوازن في تقديرنا لأوضاعنا الحالية. علينا أن ننظر إلى أعلى بالقدر الذي يهيء لنا ألا نرضى بالواقع دون سعي لتغييره والارتفاع به. وعلينا في ذات اللحظة أن ننظر إلى أسفل حتى لا نفقد نعمة الحمد فتظلم نفوسنا بظلمة الحنق واليأس. وهل يتأتى عن المشيء في الظلمة إلا المزيد من التيه والضياع؟!
أما المقياس الحق لمدى نجاحك ونجاحي أو فشلك وفشلي فيجب ألا يكون شيء خارج عن ذواتنا؛ إن المقياس هو: هل نفعل أفضل ما عندنا؟ هذا هو المعيار الأحق. لذلك لا تشغل بالك كثيراً بما حققته أنت مقارنة بما حققه أي إنسان آخر، فكر فقط فيما حققته أنت مقارنة بما يمكن أن تحققه أنت!
إذا كنت تفعل أفضل ما تستطيع فأنت أنجح الناس، وإن كانت هنالك مسافة بين ما تفعل فعلاً وما تستطيع أن تفعل فإن جهادك الأوجب والأكثر إلحاحاً هو في تقصير هذه المسافة يوماً بعد يوم!
هناك تعليق واحد:
مقال تحفة .. ربنا يكرمك
إرسال تعليق