أعلم أن مشاعر المصريين قد تباينت إزاء الأخبار عن إلقاء علاء (رجل الأموال) وأخيه الأصغر جمال مبارك (رجل الأموال والسلطة معاً) في السجن. ومع أننا لم نر أي صورة لهما في رداء السجن بعد، إلا أن بعضنا قد يشعر بالشفقة على إنسان عاش حياته لا يحصل من الحياة الدنيا إلا على أفضل وأغلى وأفخم ما فيها ثم يجد نفسه فجأة في سجن ضيق قذر. ثم يأتي صوت العقل ويقول لنا أن هؤلاء تسببوا في وضع الملايين من البشر إما في فقر مدقع أو في سجون سياسية يعلم الله ما لاقوا فيها من سادية بعض بني البشر حينما يتيح لهم القدر التسلط على إنسان آخر، ومن ثم فإنه من العدل أن يذوقوا الآن شيئاً قليلاً من المعاناة التى صنعوها للآخرين.
ثم سألت نفسي، هل من فرصة لإنسان في وضعهم سوف يهوي في مزبلة التاريخ والرأي العام أن يرفع عن نفسه هذا العار الأبدي؟ هل من عمل ما يتيح لمثلهم توبة أمام الله ومغفرة من الناس؟
الحقيقة أنا أعتقد أنه من الممكن لأي منهما، ولأي منهم (بقية العصابة) أن ينقذ نفسه. والفكرة بسيطة، وهي متاحة لهم طالما بقوا على قيد الحياة. تصور معي الخبر التالي:
عاجل. مؤكد: علاء مبارك ينتهي من كتابة سيرته الذاتية في سجن طرة، ويكشف عن جميع أمواله التي لم يصل إليها شعب مصر وحكومته ويطلب إعادتها جميعاً لخزينة الدولة. ويعلن كذلك عن استعداده للإدلاء بجميع ما يعرف من معلومات - بحكم علاقته الوثيقة بالنظام البائد الفاسد - عن جميع الأموال الأخرى المسروقة التي تخص جميع أفراد عائلة مبارك وأعوانهم. ويقول علاء مبارك أنه أدرك في السجن كيف أفسده المناخ الذي وجد نفسه فيه كإبن لرئيس الجمهورية، واقترب من معاناة الشعب المصري التي سببها هذا الفساد، وأنه يرجو الآن أن يفعل ما يستطيع لتنقية ضميره، وذلك بنشر سيرته الذاتية حتى يعلم الجميع حقيقة ما أسماه بـ "كواليس الفساد". وسوف يتطهر من الذنوب الماضية بكشف كل شيء من معلومات صادمة ومرعبة عن حجم هذا الفساد وطبيعته، حتى تتعلم الأجيال القادمة كيف تقي نفسها تكرار هذا الشر. كما يرجو أن يساهم كشفه عن جميع الأموال السرية التي يصعب على مصر الوصول إليها أن يساهم في إعادة بناء الاقتصاد المصري وفي التكفير عن بعض ذنوبه الماضية في حق هذا الشعب.
يا ترى لو فعل أحدهم ذلك، هل يخرج من "مزبلة التاريخ" إلى إحدى "حدائق التاريخ"؟
هناك تعليقان (2):
يا ترى لو فعل أحدهم ذلك، هل يخرج من "مزبلة التاريخ" إلى إحدى "حدائق التاريخ"؟
اﻹجابة: نعم
أنا كذلك أعتقد ذلك
إرسال تعليق