الجمعة، سبتمبر 21، 2007

كتاب الأحلام



ما أكثر شيوع كتب "تفسير" الأحلام في بيوتنا. غير أن كلمة تفسير لم تسقط من العنوان أعلاه. فكتاب الأحلام الذي أعنيه لا يفسر أحلاماً تأتينا من عالم الغيب، برسالة يحاول عقلنا المحدود فك رموزها، أو بأحاديث نفس مرتبكة متفككة. كتاب الأحلام الذي أعنيه ندون فيه الأحلام بالعقل والخيال، بالصور والكلمات، ونضع في كل ذلك رغبة الإنسان المشروعة في نعم الله التي بثها لنا في الأرض.

سأسرد عليك حكاية. رجل أعمال وكاتب أمريكي انتقل حديثاً إلى بيت، أو قل قصر، جديد. وجمع في صناديق كبيرة أشياء كثيرة من حياته الماضية. وترك الأشياء في الصناديق في غرفة مكتبه زمناً. ذات يوم دخل عليه ابنه الصغير، وأخذ يعبث في أحد هذه الصناديق. ثم أخرج أوراقاً لزقت عليها صور لأشياء مختلفة، وسأل أبيه عن ماهية هذه الصور. ذهب إليه الرجل ونظر. ثم بكى. وحينما سأله ولده عن سبب بكائه، قال له الأب معنى الصور ومبعث الدموع. فالصور هي ما كان الأب يجمعه من صور لأي شيء جميل يراه ويود الحصول عليه، فيقص الصورة ويلصقها في صحيفة الأحلام. وهي حيلة إنسانية لمحاولة الإبقاء على روح التفاؤل والرغبة في العمل في نفس المرء. أما مفاجأة الأب فهي أنه رأى صورة بيته الذي اشتراه حديثاً يطل عليه من بين الصور القديمة. لم يجد صورة لبيت، أو قصر، يشبهه، ولكنه كان هو هو. لقد اشتراه بعد أن أصبح قادراً على الحصول عليه، وكان غافل الذاكرة عن الصورة القديمة التي وضعها في صحيفة الأحلام!

ومهما كان ما حدث مع هذا الرجل شيئاً غريباً واستثنائياً، فالرسالة والدلالة ثابتة وصادقة. فتركيز العقل والعاطفة على هدف أو حلم يبثان رسالة الإنسان وعزمه في أرجاء الكون كله. وإن رغبة حارة في نفس إنسان لعامرة بطاقة تهتز لها الأرض وتصغي لها السماء. ألم يقل رسول الإسلام (ص) أن ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، إشارة نبوية لحقيقة حياتية، تلبي طلب من يدركها ويعمل بها، بأشكالها المختلفة: ما بين دعاء الموقن وأمل المتفائل الباعث على العمل.

وطلب الدنيا ليس دناءة كما قد يوحي إلينا كلام ورثناه من أزمان، لعلها أزمان الفشل والكسل. فالله عز وجل خالق عظيم وكريم يحب العطاء، وهو يحب من يؤمن على قوة أكثر من حبه للمؤمن الضعيف، وإن كان في كل خير.

وكتاب الأحلام الذي أقترحه عليكم هو مثل ما فعل هذا الكاتب ورجل الأعمال الأمريكي. اكتب كتاب أحلامك بيديك. ضع فيه صورة جميلة، واكتب أملاً براقاً يشرح النفس. والجمال مثل النور أينما وجد في مكان، أو في إنسان، فإنه يتعداه إلى ما حوله. وكتاب أحلامك سوف يبث الجمال والنور من حياتك أنت إلى الدنيا وما فيها.

وفي النهاية، فالصورة أعلاه يا أعزائي هي من شرفة منزلي الذي يطل على بحيرة وجبال، يحدثان القلب بجمال خارق، من إبداع أحسن خالق. أهلاً بكم في أي وقت على كوب من الشاي وحديث لا هو اللغو ولا هو النميمة، ولكن مثل حديث أهل الجنة. نقل خيرا، أو نصمت ونستزيد من التأمل والنظر في نعمة الجمال.

طبعاً خمنتم أن الصورة من كتاب الأحلام!

ليست هناك تعليقات:

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين