رأينا في ميدان التحرير ما لم نره في مصر من قبل بهذا الشكل، وربما في العالم أجمع، حينما جمع ميدان واحد بين مسلمين يصلون صلاتهم الإسلامية، ومسيحيين يصلون صلاتهم المسيحية. ليس ذلك فقط، لكن أضاف لرمزية الحدث أن المسلم يحمي المسيحي في صلاته، ثم يقف المسيحي ليحمي المسلم في صلاته. لو احتفظ المصريون بهذه الروح وهذا الفهم للدين، وحافظوا عليها، فلن نخشى على مصر بعدها أعتى المؤامرات الداخلية والخارجية أو حتى المريخية.
على العقلاء منا أن يحاربوا أمراضاً عقلية وروحية هدامة تدفع بعض من لم ينضج وعيهم الديني أن ينظروا بريبة وقلق إلى أصحاب الديانات الأخرى. يجب أن نتعلم أن القلوب يطلع عليها الله وحده، وأن الخالق يعلم بلا شريك من هو المستحق لرحمته ومن هو المستحق لعذابه. لا يستحق الريبة والإدانة والاستبعاد إلا من يؤذي الناس. أما من يخالف دينه ديني فهو إنسان له نفس حقوقي وعليه نفس واجباتي، نحكم عليه وفقاً لعمله وسلوكه بين الناس. والإنسان نقي الفطرة هو أقرب لأمثاله - ولو اختلفوا عنه في الدين - منه إلى أهل دينه من أصحاب الفطرة الملوثة. إن المسلم الصادق أقرب للمسيحي الصادق من قرب كل منهما للكاذب من أبناء دينه. والمسلم المحب لوطنه أقرب للمسيحي المحب لوطنه من قرب كل منهما لمن لا يهتم لمصلحة وطنه من أهل دينه.
إن مصر لن تنهض وتحيا على أكتاف مسلمين يريدون أن يجعلوا مصر دولة يعيش فيها المسيحي وكأنه ليس في بلده، ولا على أكتاف مسيحيين يؤمنون أن المسلمين وافدين على مصر وليسوا مصريين أصليين! هذا جنون لوث عقول وقلوب الكثير من المصريين على الجانبين. والمصريون الذين أنجزوا ثورة يناير التي علمت العالم كله معنى الثورة السلمية، ومعنى الصلاة الجماعية للمسلم والمسيحي، هم القادرون وحدهم على ترسيخ هذه الروح في مستقبل مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق