السبت، يناير 01، 2011

كيف تهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية - الجزء الأول

forest


يأتيني هذا السؤال كثيراً. ويبدو أنه قد حان الوقت لكتابة تدوينة واحدة (كانت هذه نيتي ابتداءً، إلا أن الحديث طال مما استلزم تحويل الموضوع إلى سلسلة من التدوينات) تجيب ما يأتيني من تساؤلات عن الهجرة، على قدر علمي وخبرتي كمهاجر في الولايات المتحدة. لست خبيراً قانونياً بالطبع، لذا أرجو ألا تطلب مني ما لن يأتيك بخبره إلا محام متخصص بشئون الهجرة! سوف أفرغ هنا كل ما أعرف بصدق وإخلاص، والباقي عليك! :)


لعل سكان العالم العربي أجمعون يريدون الهجرة! هذه مبالغة ولا ريب. ومع ذلك فإن شيطان المبالغة قد تمكن من قلمي وها هو يواصل هذيانه: لو فتحت أوربا و "الدول المتقدمة" أبواب الهجرة لأصبحت كثير من المدن العربية مدن أشباح! سوف يهاجر الأغنياء والفقراء، الغفراء والأطباء... فالرغبة في الهجرة في بلداننا هي الديمقراطية الوحيدة التي نتمتع بها جميعاً بلا تفرقة! غير أن هناك شرذمة "وطنية" لن يزحزحها مزحزح عن هذه البلدان، حيث لن تتيح أرض أخرى لعبقريتهم أن تظهر وتتألق وتتأنق، سواء في ذلك عبقريتهم السياسية وعبقريتهم المالية! ألا ترى ما جمعوه من مليارات وما أنجزوه من مناصب ورياسات؟!

خسئت يا شيطان المبالغة! فلأستعذ بالله من الشيطان اللئيم. ها هو يضحك ويكشف عن أسنان صفراء ملوثة! انصرف! عليك اللعنة. نظر إلي نظرة أخيرة، وتغيرت صورته وتعددت وتقلبت وكأنه رجال كثر يتبدلون في وجه واحد، ثم استدار وانصرف. هييء إلى لوهلة أنني أعرف هذا الوجه المألوف. وكأنني وعيت ونشأت وكبرت على رؤيتها جميعاً، هي هي ذات الوجوه التي لا تتغير على مر العقود! أعوذ بالله...

اللهم اخزيك يا شيطان، هو وليس أحد غيره أخرجني عن صلب موضوعي! ماذا قلنا؟ آه.. الهجرة. كيف تهاجر إلى أمريكا. ولم لا؟! أليست الأرض كلها أرض الله، والبشر خلقه وعباده؟ وقديماً قال العبقري علي بن أبي طالب كلمة قرأتها مرة فتشبثت بعقلي ما غادرته، قال: "ليست أرض بأحق بك من أرض، خير البلاد ما حملك!". لكن أحذرك أو أبشرك أنك إن كنت مثلي، فسوف لن تنسى بلدك الأم أبداً أبداً، وقد لا يمر عليك يوم واحد دون أن تقارن وتأسى وتلعن أيضاً... الشيطان الذي حرم بلدك وأهل بلدك من حقوق تنعم بها شعوب أخرى دون تفكير. كما أعلمك أيضاً أن الهجرة ليست عسلاً مصفى أو أعمالاً تجري من تحتها الأموال! إن أردت أن تهاجر وتنعم فجأة بكل ما ينعم به المواطن الأصيل فخير لك أن تبقى حيث أنت، مواطن أصيل في بلدك. وطن نفسك على تحمل سنوات طويلة قبل أن ترى ما تحب، وأن أبناءك - غالباً - سوف يكونون أيسر حظاً في وطنهم الذي جاء إليه آباؤهم، وقد لا تندم بعدها أنك تحركت في أرض الله الواسعة

كفاني مطاً وتطويلاً وخروجاً عن صميم المواضيع، ليس على الشيطان لوم هذه المرة! توكلنا على الله...

التأشيرة والإقامة

بداية، اعلم يا صديقي أن هنالك أنواع مختلفة من تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة. عليك كذلك أن تميز بين شيئين: "تأشيرة الدخول"، المشهورة باسم "الفيزا"visa ، و"الإقامة" أو الوضع القانوني داخل البلد status. فأنت قد تدخل، مثلاً، بتأشيرة زائر، ومن ثم تصبح إقامتك أو وضعك القانوني داخل الولايات المتحدة هو زائر. لكنك قد تغير بعد ذلك وضعك القانوني من "زائر" إلى "طالب" على سبيل المثال. كذلك تذكر أن تميز بين مدة صلاحية الفيزا وبين مدة الإقامة داخل البلاد. قد تحصل على تأشيرة زائر مدتها خمسة أعوام مثلاً، وهي شائعة، لكن ذلك لا يعني أنه يحق لك أن تبقى داخل الولايات المتحدة كل هذه المدة! مدة تأشيرة الدخول هي فقط الفترة التي تستطيع خلالها الدخول إلى أمريكا باستخدام هذه الفيزا. فإذا أتيت إلى أعتاب البلاد قابلك مسئول وطبع على جواز سفرك مدة "إقامتك"، وهي لا تزيد عادة عن ستة أشهر في حالة الزائر. كما يعطيك كل وضع قانوني معين حقوق معينة. فالزائر ليست له نفس حقوق الطالب، كما لا يتمتع الطالب بحقوق المقيم الدائم permanent resident (الحاصل على الجرين كارد أو البطاقة الخضراء – وهي ليست خضراء اللون بأي حال بالمناسبة!).

فما هي أنواع التأشيرات وأبواب الهجرة المختلفة؟

تأشيرة سائح/زائر B1-B2 Visa


هل حصلت على تأشيرة زيارة؟ مبارك (لا لا لااااااااااا!) أقصد "مبروك" (هذا أفضل كثيراً!!)، ولكن...

هذا التوضيح له أهميته لكون الكثيرين يظنون أن الحصول على تأشيرة زائر أو سائح هو بمثابة الهجرة. الواقع أن دخول بلد ليس مثل البقاء فيه. فالزائر، كما أسلفت، يصبح وضعه القانوني داخل البلاد هو "زائر"، أي أن له البقاء داخل البلد لفترة محددة، وليس له حق العمل أو الدراسة في الجامعة مثلاً. ولا يمكن أن ننكر أن الهجرة الأمريكية لا زالت كريمة، فأكثر من يدخل بتأشيرة زائر B1-B2 Visa يحصل على ستة أشهر كاملة يحق له البقاء خلالها داخل البلاد، حتى لو ادعى أنه ينوي البقاء عدة أسابيع فقط ثم يعود من بعد إلى بلده العزيز! ونصف العام ليس فترة قصيرة، غير أنها تمر سريعاً!

إذا كنت تنوي الدخول من هذا الباب فاعلم أنه الأصعب والأطول. تذكر أنك إن "كسرت الإقامة"، أي أقمت أكثر من المدة المسموحة لك حين دخولك، التي هي عادة من 3 إلى 6 أشهر، فإنك تصبح بعدها "مهاجر غير شرعي". لا يستطيع المهاجر غير الشرعي الحصول على إقامة شرعية إلا عبر أبواب محدودة وضيقة، أكثرها شيوعاً الزواج من مواطن أو مواطنة أمريكية. وإشكالية هذا الوضع غير القانوني أنك إن خرجت من الولايات المتحدة لا يحق لك العودة لها مرة أخرى لمدة تربو على عشرة سنوات كاملة، وهو ما يحدو بالكثيرين إلى البقاء في هذا الوضع سنوات طويلة لعدم رغبتهم في العودة النهائية إلى بلدانهم، رغم القيود التي يعيشون في أطرها كمهاجرين غير شرعيين. والحق أن تقديرات عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة تترواح بين 10 و 20 مليون! وهو رقم خرافي، وربما يعود ذلك إلى عدم تعرض المهاجر غير الشرعي بوجه عام إلى مضايقات داخل أمريكا طالما أنه لا يرتكب جرائم أو يشاغب، وهو ما يدفع بهذه الملايين إلى تفضيل البقاء كمهاجرين غير شرعيين على العودة إلى بلدانهم (ربما لأن الحياة كمهاجر "غير شرعي" في بلد متحضر أفضل من الحياة في بلاد تقوم بشكل كامل على حكومات "غير شرعية"!).

سوف تسألني وكيف يمكن الحصول على تأشيرة الزيارة؟ هنالك قاعدة واحدة بسيطة، هي أن تأشيرة الزيارة يتم منحها لمن يثبت أنه ينوي العودة إلى وطنه وليست لديه نية البقاء في أمريكا بشكل نهائي. غير أن إثبات ذلك ليست له قواعد محددة واضحة. عادة يحاول المتقدم لتأشيرة الزيارة أن يقدم أوراقاً تثبت أن لديه أملاك أو وظيفة محترمة أو عائلة لا يستطيع تركها. غير أن الواقع لا يسير دائماً وفقاً لهذه القواعد. والحق أن الحصول على التأشيرة أو عدمه يبدو أنه يرجع إلى حد كبير إلى التقدير الشخصي لمسئول التأشيرة الذي يجري معك المقابلة. وقد تكون لديهم قواعد غير معلنة. فمسئولي السفارات الأمريكية في البلدان "المصدرة للمهاجرين/الهاربين من الجحيم" يعلمون تمام العلم أن عدداً كبيراً ممن يتقدمون للحصول على تأشيرة زائر إنما يخططون للبقاء في الولايات المتحدة وعدم العودة. وكثيراً ما يتم إعطاء تأشيرات الزيارة لشباب أعزب وصفر اليدين من الأملاك أو الثروات، يعني شباب كتبت الشمس على وجوههم بوضوحها المعلوم: "لو حصلت على تأشيرة الزيارة المؤقتة فسوف أعتبرها – شاكراً - تأشيرة هجرة دائمة!". والعجيب أنه أحياناً ما يتم رفض من يملكون المال والأعمال وكل أسباب العودة! لذلك لا تسأل أحداً عن كيفية الحصول على التأشيرة، فلن يعطيك أحدهم جواباً شافياً مؤكداً في رأيي!

نواصل في الحلقة القادمة إن شاء الله، مع دعواتكم أن يعيننا الله على العودة سريعاً لأنهاء ما بدأته في هذه السلسلة!

لقرائة المزيد من المواضيع عن الولايات المتحدة الأمريكية، رجاء زيارة مدونتي الحياة في أمريكا.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

ok ya Hamada next time you should talk about student visa because this is what people should be concern about to come to this country with dignity and honor and be able to presuit their american dream.
Ahmed Ali

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

Exactly ya Ahmad pasha insha'Allah I will try to get to student and business visa and green card lottery in the upcoming posts

غير معرف يقول...

الهجرة الى امريكا ليست من اولاوياتى ربما العمل لفترة معينة ولكن الهجرة
تعنى ان اترك بلدى للابد ولنل لفضل ان انشأ فى بيئة اسلامية رغم السلبيات المتواجدة فى الدول العربية
شكرا على مدونتك الرائعة
ايمن من ليبيا

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين