هنالك فئة قليلة العدد، شهيرة بـ "المندسة"، تسللت إلى مصر وتخللت مسامها وجميع أركانها. قد يكون من دسها أو أعانها على الاندساس هو "أجندة خارجية"، لكن لا شك أنها اندست من الشعب المصري وبين الشعب المصري، واستغلت ثغرات كثيرة في ظروف المصريين وفي طباعهم وتعليمهم والضغوط التي يتعرضون لها، استغلت الفئة المندسة هذه الثغرات جميعاً للتمكن وبدء النخر في ثروة مصر وخيرها، بل وامتد النخر والأكل إلى هيكل مصر ذاتها، وامتدت أسنان القلة المندسة إلى العظام والنخاع بعد أن نهشت اللحم كله أو كادت!
هذه الفئة المندسة تهدد مصر، لا شك في ذلك. بل إنها تهدد مصر تهديداً يفوق الاحتلال الانجليزي الغابر والجار الاسرائيلي المتآمر. تتآمر هذه الفئة المندسة، المصرية اللون واللسان، تآمراً هو أخطر ما شهدته مصر في عصرها الحديث.
تتخفي القلة المندسة خلف حيل كثيرة، تخدع البسطاء والفقراء لكنها لم ولن تنطلي على العقلاء الذين ينظرون أبعد من أقدامهم ويومهم. ومن هذه الحيل أنها تحاول أن توهمنا أنها ليست هي القلة المندسة، فتنتقي فريقاً يهدد اندساسها وتصفه بأنه هو القلة المندسة. هذا الفريق هو في كثير من الأحيان ممن يدركون أنها هي القلة المندسة الحقيقية. وهي حيلة لطيفة، تخيل أنك تطارد لصاً سرقك، فتجري وراءه، فيجد جماعة من العابرين البسطاء لم يشهدوا ما حدث ويصرخ بأعلى صوته "امسك حرامي" وهو يشير إليك! ويحتار الناس فيأتي معاون اللص، وهو غالباً "فتوة الحارة" (ولا يعلم أحد أن اللص يسرقك لحسابه أساساً!) ويؤكد أنك أنت السارق وأن اللص هو الشريف المسروق! ومع أن أهل الحارة يضيقون بالفتوة وتأسده عليهم وفرضه الإتاوات، إلا أنه رجل معروف مألوف، لذلك فالأسهل والأسلم أن يصدقونه! فتجد نفسك مسروقاً ومحكوماً عليك وضدك لأنك تجرأت على طلب حقك ومتابعة سارقك!
هل تسلم لفتوة الحارة، وتضمن السلامة، وتترك له الأمر وللقلة المندسة التي تنضوي تحت لوائه لنهب الحارة كلها وكل أهلها لصالح عدد محدود من المعاونين والأفاقين؟ هل تنقلب على شرفاء عرضوا أنفسهم للخطر في مواجهة الفتوة وتوافقه أن هؤلاء المطالبين بوقف الإتاوات وضرب الهراوات، وضمان الحقوق واستعادة الثروات هم القلة المندسة المخربة المدمرة؟ إن لم تنضم إليهم فليس أقل من أن تعلم من هي القلة المندسة الحقيقية!
- هذا بمناسبة ثورة 25 يناير، الثورة المباركة اللامباركية، والحدق يفهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق