الخميس، مارس 13، 2008

الدين والفقر - كلمات من "هموم داعية" لمحمد الغزالي 2

يقول الشيخ العظيم-رحمه الله-في كتابه:

جهلة المحدثين أرادوا إقامة مجتمع من الصعاليك ورووا آثاراً تجعل عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً!
وهذه بلاهة منكورة، فإن المال قوام الحياة وأساس الدولة، وكافل المؤسسات المدنية والعسكرية، وعبد الرحمن بن عوف هو بنص القران من السابقين الأولين، الذين حازوا الرضوان الأعلى، وبشروا قبل غيرهم بالجنة..
وتحبيب الفقر للناس كما يفعل أولئك المحدثون القاصرون جريمة.
فإذا انضم إلى هذا أن العرب يحتقرون الحرف –تمشياً مع جاهليتهم الأولى- ويفضلون عليها الفقر عرفت أي مجتمع تصنعه هذه التعاليم.


سوف أفرد لهذا المقطع من الكتاب تدوينة خاصة. فلهذه الكلمات عندي صدى خاص وآخر عام. أذكرني طفلاً جالساً على الأرض أثناء إحدى خطب الجمعة. لا أذكر الوجوه ولا أذكر التاريخ، ولا أذكر من حديث الخطيب غير حديث أن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً لثرائه. وأن الفقير يدخل الجنة قبل الغني بخمسائة عام. لابد أن فطرتي أنكرت ما سمعت، فشعرت بعدم الراحة، وأن ما يقال على أنه دين إنما يخالف روح العدل. لم أكن حينها مثلي الآن بالطبع، قادر على الحكم والانتقاء لما يٌقبل وما لا يستحق التصديق ولا الإيمان. ثم بعد تطوري العقلي ظلت في نفسي كراهة لهذا الحديث وأمثاله وعداء طفولي له، لما خرب في فطرتي ذات خطبة بعيدة في الزمن. وآمنت أنه كلام لا يستحق الالتفات، إنما يستحق الإعدام. وقلت في نفسي لو أنني حاكم في ظل ما نحيا من ظروف، لعزلت عن الخطابة من يذكر على الناس أمثال هذه الأقاويل، حتى يتوب!

ثم يأتي الشيخ محمد الغزالي ليقول هذا الكلام الذي يثلج الصدر. فكيف لا أحبه!

ليست هناك تعليقات:

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين