الثلاثاء، سبتمبر 11، 2007

تهاجر أو لا تهاجر

منذ ما يزيد على الشهر وصلني سؤال من القاريء أحمد خيري يسأل فيه عن أفضل مكان في الولايات المتحدة من ناحية الجو وفرص العمل لمن معه CPA. ووعدته بالإجابة وتأخرت في تلبية الطلب، ولذلك أطلب منه المعذرة. أحب أولاً أن أشير أنني في تدوينة قديمة قمت بالإجابة على سؤال مشابه باختصار وعرضت ما أعلم لعله يفيد من يفكر في الهجرة.

ولقد رأيت أن أفرد تدوينة خاصة للإجابة لعلمي بأهمية الموضوع وعلمي كذلك بأن الهجرة أصبحت أملاً يشغل أذهان الآلاف، وربما الملايين من شباب بلادنا. ولا يستطيع لائم أن يلومهم، فالإنسان يبحث عن حياة طيبة وأرض يجني فيها ثمار جهده ويشعر بالأمل وبجدوى العمل. ومن أسف أن المصدر الأول للدخل القومي في مصر، حسب آخر ما ورد إلى علمي، هو تحويلات المصريين العاملين في الخارج. ولكثرما قلت في أحاديثي الخاصة أن تلك وحدها فضيحة قومية. غير أنها أيضاً إشارة لمن يهاجر أن قراره ليس سيئاً ولا هو نذالة أو هجر لبلده، فالمصري في مهجره قد يكون أكثر نفعاً لنفسه وأهله وبلده جميعاً.

غير أن المهاجر بحاجة لخطة واضحة وعلم بأحوال البلد الذي يذهب إليه. وأنا شخصياً قبل سفري كنت أقرأ كل ما يتاح لي عن بلاد المهجر، لا سيما ما أجده من كتابات المهاجرين المصريين والعرب الذين سبقونا إلى بلاد الغرب (حديثي عن الهجرة للغرب وليس للبلاد العربية، فليس لي بذلك من خبرة غير ما يصلني من تجارب الآخرين). ولكنني حين وجدت نفسي في واقع المهجر، وجدت أنه قد غابت عن علمي أشياء كثيرة غاية في الأهمية عن حقيقة الهجرة. وضيع علي هذا الجهل وقتاً كثيراً وعانيت كما لم أعان في حياتي من قبل. أما المؤسف فهو أن كثيراً من العرب المهاجرين لا يسعون للأخذ بيد المهاجرين الجدد وتوضيح معالم الطريق لهم، والعمل على ألا يقع أخوانهم الأصغر منهم في العمر أو في تجربة الهجرة فيما وقعوا هم فيه من أخطاء. وأنا حينما أرى مهاجراً جديداً أحاول قدر جهدي أن أخلص له النصح وأن أعرض عليه خلاصة تجربتي وأن أبين له ما وقعت فيه من أخطاء، وكلي أمل ألا يكرر من يهاجر بعدي ذات الأخطاء وألا يضيع وقتاً ثميناً في غير فائدة.

وسوف أحاول الآن أن أرد على أسئلة أحمد خيري باختصار، غير أن الحديث متصل، وأرجو أن ينصرني الله على كسلي فأقدم خلاصات مفيدة وصورة أقرب ما تكون لحقيقة الهجرة لمن يفكر فيها، حتى يقدم الشاب على تجربته وهو على بينة من أمره. وأنا أرجو من القاريء أن يطالع التدوينة القديمة التي أشرت إليها في البداية، فما فيها من معلومات ما زال صالحاً حتى اليوم.

سؤال أحمد الأول عن أفضل الأماكن في الولايات المتحدة من ناحية الجو. والولايات المتحدة تمتد بطول وعرض قارة
كاملة، ولذلك يتنوع فيها الجو تنوعات حادة من ولاية لأخرى. وتجربتي الخاصة تمتد بطول الساحل الشرقي للولايات المتحدة، حيث أقمت فترة في أقصى الجنوب (ولاية فلوريدا) وفترة أخرى في أقصى الشمال (شمال ولاية نيويورك، على بعد يسير من حدود كندا)، كما أقمت فترة أخرى في المنتصف (ولاية كارولينا الشمالية). وخلاصة التجربة أن الأحوال الجوية لا تمثل مشكلة جوهرية، فالإنسان يتكيف مع ما يجد نفسه فيه. كما أن البرد الشديد في الشمال يخفف منه توفر التدفئة في كل مكان، والحر الشديد في صيف فلوريدا يخفف منه أيضاً توفر أجهزة التكييف في السكن والعمل وأماكن التسوق والترفيه المغلقة. وميزة الولايات المتحدة أن حركية الفرد فيها مرنة، ولا يعني تواجدك في ولاية بعينها أنها قد أصبحت قدراً لا مفر منه.

سؤال أحمد الثاني عن فرص العمل لمن معه الـ CPA. وهذا السؤال هو مربط الفرس كما يقال. والسؤال ذاته قد يعكس بعضاً من نقص المعلومات لدى من يخطط للهجرة وهو ما يزال في بلده. وسوف أكمل الرد في التدوينة القادمة بإذن الله، فقد حان وقت الذهاب ودقت أجراس الاستعداد للعمل!

ليست هناك تعليقات:

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين