الأحد، يوليو 01، 2007

الأزهر بين الشيخوخة والعراقة

في البداية كنت أود الكتابة عن مصري أزهري عبقري، لا أعرف غير اسمه الأول، ولكن أعرف عنه حكاية ذات دروس وعبر، ودلالة على ذكائه وحسن إدراكه وتصرفه. ثم تداعت الأفكار، والأفكار كما تعلم يدعو بعضها بعضاً، ويتولد بعضها من بعض. وكذلك حضر إلى ذهني مشهد آخر قديم، مرت عليه سنوات. كنت في المركز الثقافي الفرنسي بالمنيرة أيام كنت أقيم بالقاهرة للدراسة ثم للعمل، وكانت هنالك محاضرة يلقيها كاتب جزائري يقيم في فرنسا. وكانت الصدف قد شاءت أن أتعرف عليه قبل دعوته إلى مصر إذ رأيته ضيفاً، بين ضيوف عدة، في برنامج معروف في التلفزيون الفرنسي. حين جاء إلى مصر، كان مالك شبل يتحدث اساساً عن كتابه الصادر حديثاً في ذلك الوقت: موسوعة الحب في الإسلام، قدم فيه جانباً من الإسلام لا يعلم عنه أهل الغرب الكثير. في سياق حديثه، ذكر مالك طرفاً من خبرته بمبعوثي الأزهر للديار الأوروبية، وهم قوم تم تعيينهم كدعاة أو أئمة مساجد من قبل الأزهر. قال مالك أن الأزهر يرسل رجالاً علمهم وخبرتهم بالحضارة الذاهبين إليها قليلة أو معدومة، وقال أنه ومعه مسلمي أوروبا يتمنون من الأزهر أن يسدي لهم وللإسلام خدمة جليلة ويترك أمر أوروبا لهم، وهم يعيشون فيها ويعلمون كيف يتعاملون مع العقلية الأوروبية، أما الأزهري الذي يظن أنه من الممكن أن يتحدث مع الغربي بنفس اللغة العقلية التي يتحدث بها مع المسلم فهو لا ينقل عن نفسه ودينه غير فكر سطحي وبالتالي منفر. وهو المتوقع ممن درس الدين حفظاً لا تذوقاً شخصياً وإدراكاً مباشراً
هذا ما تذكرته قبل أن أهم بالكتابة عن الأزهري الآخر العبقري. ولكن دعني أكمل لك باقي خبرتي مع محاضرة مالك شبل. فقد هبطت علي بعدها فرصة من تدبير القدر لم أتوقعها أو آمل فيها. فقد تبعت المستمعين والكاتب إلى مقهى المركز، حيث العادة أن يتبع المحاضرات تجمع للناس وتضييفهم ببعض الأكلات الخفيفة والمشاريب. وأنا واقف وحدي أتاني شاب وقدم نفسه لي قائلاً أنه صحفي يريد أن يجري حواراً من الكاتب، غير أن الكاتب قال له أنه لا يستطيع إجراء الحوار بالعربية فقط، فهو بحاجة إلى مترجم لأن المفردات العربية أحياناً ما لا تسعفه في الفهم أو في التعبير. وقد رآني الصحفي الشاب أستمع للمحاضرة دون وضع سماعات الترجمة الفورية، فظن أنني من الممكن أن أتطوع كمترجم حتى يقبل الكاتب إجراء الحوار. وبالفعل تم لنا الجلوس مع الكاتب وحدنا بعد رحيل الجميع. تناول الحديث مواضيع مختلفة، ورأيت في مالك شبل كاتباً يفيض بالحيوية وخفة الدم والعقلانية. ومن الأشياء ذات الدلالة التي سمعتها قبل جلوسي مع الكاتب حديثاً جانبياً، ولكنه لم يكن خافض الصوت، فقد سمعته دون تسمع أو تنصت، دار بين صحفي مصري لا أعرفه وبين شاب فرنسي يبدو أنه كان يعمل في المركز وكان يجيد العربية. سمعت الصحفي المصري ينقد الكاتب، فماذا كان نقده؟ قال: هو ابن للغرب. رد عليه الشاب الفرنسي وهو لا يفهم تماماً وجه النقص أو النقيصة في هذا النقد، فقال للصحفي: انا أيضاً ابن الغرب، فرد الصحفي البليغ: أنت ابن شرعي للغرب، أما هو فابن غير شرعي!!! الحقيقة لم أستمع لباقي الحوار، ولكني لم أسمع في محاضرة الرجل شيئاً يوحي من قريب أو بعيد أن الرجل عميل عقلي للغرب، على العكس، كان يقدم صورة للإسلام صادقة نقية يستطيع الغربي وغير الغربي فهمها واحترامها. وتأكد لي ذلك في حوار الكاتب الخاص مع الصحفي المصري، فالرجل مسلم يؤمن بالعلم ويعرف للغرب نقائصه وجوانبه المشرقة
هذا ما تذكرته حين أردت الكتابة عن الأزهري المصري العبقري، وهو محور حديثي القادم بإذن الله

هناك 3 تعليقات:

واحدة و خلاص يقول...

يا ريت تشرفنا
www.negma.blogspot.com

mo'men mohamed يقول...

فعلا أخى صدقت
فمن الصصعب على طالب تربى فى بيئه معينة وعلى عادتها وتقاليدها انه يغير البيئه دى مره واحده
حيبقى فى فجوة كبيره بين الداعى و أهل البيئه مما يؤدى الى سوء فى فهمهم وتشويه الدعوة
جزاك الله خير
السلام عليكم

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

negma

شكرا على الزيارة
ان شاء الله هزورك برضه قريب

مؤمن
شكرا على تعليقك
قريباً ان شاء الله سوف اقص حكاية أخرى تبين سلوك الانسان الذي أنعم عليه الله بالفطنة وحسن التصرف مع الاخر المختلف عنه في الثقافة والدين

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين