الأربعاء، يونيو 13، 2007

عمرو خالد: عن التحول والثبات

تعلم وتسمع وتقرأ ولا شك عن ظاهرة عمرو خالد، والظاهرة هي انتشاره والتفاف عشرات الآلاف حول برامجه وأحاديثه، والظاهرة أيضاً أن الناس، كالعادة في أمثال هذه الحالات، حوله تنقسم، ما بين مؤيد شديد ومعارض عنيد. وقد كونت رأياً شخصياً عن الرجل، ورأيي فيه تطور وتغير من حال إلى حال، تبعاً لتغير رؤيتي وعناصرها ومرجعها، والتدوينة وإن كانت عن عمرو (هو مش صاحبي ولا حاجة ولكني أذكر الاسم الأول استسهالاً أو اختصاراً) إلا أنها عن شيء آخر يشكل جزءاً من طبيعة البشر عبر الزمان والمكان، وذلك هو تطور رأي الإنسان وثباته أو تغيره عن موضوع معين، سواء كان الموضوع ديناً أو اعتقاداً أو شخصاً. أما الثبات فهو فضيلة ورذيلة، وكذلك التحول. فالثبات على الحق وعلى القيم العليا فضيلة، ولكن فضيلة الثبات ذاتها، لكي تتم، لا تكون إلا بالقدرة على التحول من رأي إلى رأي. فالتحول فضيلة طالما أنه يدور حول قبلة واحدة، قد تختلف الوجهة، لكن القبلة واحدة. أما الثبات فرذيلة إن جمد على رأي أو حال، لا يغيره إخلاصاً لحال بعينه أو رأي بعينه، حتى وإن ظهرت معطيات جديدة في غير صالح الرأي أو الحال. والتحول كذلك رذيلة لو لم تكن له قبلة ثابته يتحرك على هديها، فتكون الحركة لوجه الحركة أو لوجه الملل، لا لوجه الحق، أينما كان.

أما عمرو خالد، فقد ظللت فترة غير قصيرة أعرض عنه. لم أتهمه بسوء، ولكنني كنت أقول أنه أحد الرجال الطيبين، ولكنه لا يتكلم في صميم، مثل كثير من المتكلمين في الدين في زمننا هذا. كنت أسمع عن تأثيره في الناس، فلا يصلني إلا أن النساء ترتدي الحجاب تأثراً به، فلا أرى في ذلك غير سنة جل المتكلمين في الدين من اهتمام بأمور هينة وإهمال أمور عظيمة وجوهرية، وكنت أسمع بعض كلامه فأشعر أنه كلام عاطفي لا يرجو للعقل كثيراً من الوقار.

ثم تحول رأيي تماما في الرجل، وكانت البداية حين تابعت حلقات من سلسلة صناع الحياة، ثم تأكد إعجابي وتقديري له حين تابعت برنامج "على خطى الحبيب" في سيرة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم. فقد رأيت أنه لا يسرد القصص سرداً سطحياً عاطفياً، ولكنه في واقع الأمر يلفت إنتباه المستمعين إلى أشياء مهمة، ويحاول أن ينظر وراء الأحداث لاستخلاص معان مهمة وجوهرية. وهو في ذلك يتكلم بصوت عقل ذكي وفطرة سليمة.

وتحول رأيي بعد أن تابعت الرجل وظهر لي منه ما يستحق التقدير والإعجاب. لا أقول أنني أتفق مع كل ما يقول، ولكن جل ما أسمع منه الآن يعبر عن ذات ما حول رأيي عنه، العقل السليم والفطرة السليمة. وشيء آخر، القدرة على العمل والإنجاز وتحقيق النجاح، وهو يطور ذاته ويداوم البحث عن أفكار جديدة ومشاريع تعمل للخير وتسعى نحو الإصلاح، وهو لا يجعل من الدين كياناً مبهماً كئيباً منعزلاً، ولكنه يحاول إزالة الفاصل المفتعل بينه وبين الدنيا وحياة الإنسان على الأرض، ويحاول إعادة تقديم الصورة الجميلة والمشرقة لرسالة القران.

هذا عن عمرو خالد، أما عن المعجبين به، فقد يختلف الأمر. لن أخفي أنني تصفحت المنتدى التابع لموقعه، ولقد حاولت القراءة فيه، ثم ما لبثت أن أصابني الضيق الشديد مما رأيت من سطحية في كثير من التعليقات. وأنا أستمتع وأتعلم من أحاديثه، غير أنني لم أصبر كثيراً على أسلوب شبابنا في تعبيرهم عن الإعجاب. ولا أرى أن العيب فيه، ولكنه في الناس. والرجل مشكوراً يبذل جهده، وكفاه أنه يبلغ الرسالة بسلامة وعقلانية.

ليست هناك تعليقات:

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين