الاثنين، ديسمبر 26، 2005

صورة قريبة للآخر

لاحظت في عدد من المدونات هجوما على الأمريكيين في إجمالهم كشعب، وهو ما أعرفه وسمعته أيضاً كثيراً قبل وبعد سفري للولايات المتحدة. لذلك فكرت أن أقوم هنا بعرض صورة موجزة لبعض من عرفتهم في الولايات المتحدة. وأنوى عرض بروفايل موجز لبعض من عرفت هنا من الشباب غير المصري وغير العربي، وربما يمتد الأمر بعد ذلك إلى عرض بروفايل موجز لمن عرفت من مختلف الجنسيات أمريكيين وعرب وغيرهم. والفكرة تراودني منذ زمن، بل وعرضتها على مجلة الشباب من حوالي عام بعنوان شباب حول العالم ولم أتلق أي رد كان من المجلة (هم الخسرانين طبعا!)، وكنت أنوي أن أقدمها في شكل حوار مع الشاب "الآخر" مع صور له أو لها. أما الآن فسوف اقوم بعرض من الذاكرة فقط لبعض من عرفت كمحاولة لتقريب الآخر من القاريء العربي والمصري، بدلا من رؤية هذا الآخر وكأنه كائن غريب من عالم آخر وليس إنسانا مثلنا يشاركنا صفاتنا الانسانية بحسنها ومرها ويقاسمنا نفس الأرض ونفس المصير الإنساني ولا يختلف عنا حين يقف أمام الله معنا إلا تبعاً لحسن نيته ومقدار صدقه وعلم ربه به وبحقيقته ..


أبدأ بمين؟ حسناً .. لن أتبع نظاماً معينا .. سوف أبدأ بـ "جابرييل" .. وهو شاب أمريكي وأهله من أمريكا اللاتينية .. وهو لذلك يتقن الأسبانية مع أمريكيته. كنت أعرفه أولا بشكل سطحي. أما الصداقة فبدأت حين أخذنا الحوار مرة إلى اللغات. وحين علم أني أجيد الفرنسية وعرفت أنه يتقن الأسبانية اقترحنا أن نتبادل اللغات، يعني أعلمه الفرنسية ويعلمني الأسبانية، وهكذا بدأت اجتماعاتنا اللغوية أولا والتي انتهت في الواقع دون أن أتعلم الأسبانية أو يتعلم هو الفرنسية، ولكن تطور التبادل اللغوي إلى صداقة ولقاءات وأحاديث عن رؤيتنا للعام وأحلامنا. وقد انتقل جابرييل إلى مدينة أخرى الان ولم أعد أراه للأسف، ولكن قد تتيح لي الظروف والأحوال المادية وخلافه أن أشاركه في حلمه بعمل رحلة في أمريكا اللاتينية .. رحلة على الاقدام وفي وسائل المواصلات وبأرخص التكاليف .. الله أعلم.



المهم أقدم لكم هنا صورة لهذا الشاب الأمريكي .. هو تخرج من جامعة كورنيل العام الماضي، وهي من أكبر جامعات أمريكا وأغلاها أيضاً، والشباب الأمريكي هنا غالبا ما يأخذون قروضاً طلابية للدراسة في الجامعة، وهي مرتفعة التكاليف، ثم يسددون هذه القروض بعد تخرجهم.

جابرييل كان يعمل من أيام دراسته الثانوية في المطاعم كجرسون، كان يعمل ساعات طويلة جدا في العطلات، ربما ستين أو سبعين ساعة في الاسبوع، وحتى في وقت دراسته في الجامعة حين عرفته كان يعمل أيضاً في مطعم في الويك اند وفي عمل اخر إداري في شركة خدمات للطلبة. جابرييل استطاع من عمله في المطاعم ادخار مبلغا كبيرا يكاد أن يكون ثروة صغيرة بالنسبة لطالب، ولن أقوله هنا طبعا :). المهم جابرييل اتبع خطة طريفة، درس أول عامين جامعيين في جامعة رخيصة، ثم حول إلى جامعة كورنيل مرتفعة الثمن والشهيرة .. وكما قال، فشهادته في النهاية من كورنل، وهوما سوف تراه الشركات حين يدخل في سوق العمل، وجابرييل كان يقود سيارة جميلة جديدة ولكنه تخلص منها بعد انتقاله إلى مدينة نيويورك لعدم حاجته لها هناك، فالمواصلات العامة فيها متاحة، يعني أهله لم يصرفوا على دراسته ولا على سيارته ولا على مصاريفه وهو طالب.



من أحلام جابرييل أن يذهب إلى المناطق الفقيرة في بلد أهله، كولومبيا، وينشيء مدارس على أعلى مستوى للأطفال الفقراء، لأن التعليم هو الوسيلة الوحيدة كما نعلم لخلق مستقبل أجمل لهم بل ولأسرهم جميعا.


أخذني مرة جابرييل لدار سينما في وسط البلد لكي أشاهد معه فيلما من أمريكا اللاتينية عن جيفارا.. فيلما جميلا وليس فيه إبهارات وبهارات وملايين هوليوود، ولكنه من أجمل الأفلام، مما جعلني أفكر ولماذا نحن في مصر نحرم أنفسنا من سينما العالم كله ونقتصر فقط على السينما الأمريكية؟


جابرييل لم ينتخب جورج بوش، وهو يراه رئيسا لا يبالي بالبيئة ولا يفهم في الاقتصاد ويقتل الأمريكيين والعراقيين في حرب تخدم مصالح شركات معينة.


هذا باختصار بروفايل لشاب أمريكي في العشرينيات من عمره، يا ترى ما رأيكم؟

هناك 4 تعليقات:

saadny_architect يقول...

فكرة ممتازة ان نتعرف بها على الآخر من خلال عين وشاهد عيان مصرى ...استمر ...وبالمناسبة قد عرضت الفكرة من قبل فى المجلة عن فتاه امريكية وقد عرضت بعض الاسئلة لكى تجرى حوار معها ...والآن وبعد ان انهارت المجلة( فى تصورى)لانها بدأت بداية تخالف كل اهدافها (الديمقراطية - العمل الجماعى-انكار الذات فى سبيل القيمة)...المهم وبعد ان اختفت المجلة على الاقل من موقع شباب مصرى فانى ادعوك الى المواصلة هنا ولكن هل يمكن ان يكون البروفيل الاول لشاب مصرى يعيش فى امريكا؟؟ نعم انت

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

نعم أذكر موضوع الشابة الأمريكية وأنوي عرض بروفايل لها بالفعل، أما الأسئلة فما زال مشروع الحوار معها قائماً، وربما أطرح عليها الأسئلة بعد تقديم نبذة عنها بإذن الله

أما عن تقديم بروفايلي الشخصي فشكراً على اهتمامك به، وسوف أحاول فعلا أن أفعل ذلك ولكن ربما يكون بأسلوب مختلف، قد أبدأ أولا بموضوع عن الأسباب التي دفعتني للهجرة، وقد أتناول الموضوع بشكل أكثر شخصية أي عرض للتجربة الشخصية بأحداثها، ولكنك قد تعلم حرج الإنسان أمام عرض تجربته الشخصية على أساس أن هنالك ما هو أهم، وقد أتغلب على ذلك بالبداية بعرض بروفايل أكثر من شاب مصري وعربي وأجنبي ثم "أدس" بروفايلي الخاص بعد ذلك كأحد الشخصيات المعروضة :)

أما عن مشروع المجلة فأنا أتفهم تماما رؤيتك لكونها قد انهارت وأفهم أيضاً الأسباب التي دفعتك لتصور ذلك، وقد اعتقدت في نفس رأيك بداية، غير أننا لا نعلم تماما كيف مر الاجتماع الأول لهم وقد يستطيعون العمل بشكل إيجابي وإنجاز شيء، والمهم أيضاً أنني وبعد أكثر من حوار خاص مع بنت مصرية استعدت الأمل في مستقبل المشروع، فقد تبين لي من الحوار معها أنها قادرة تماما على مراجعة المنهج وعلى تصحيح المسار، وقد حدثت أخطاء مهمة في نظري في عرض نتيجة الاجتماع حيث بدا بالفعل وكأنه تحول من عمل منفتح إلى عمل منغلق على بعض الأفراد، واعتقادي أنه خطأ حدث في أسلوب العرض فقط وأتمنى أن يتم تداركه، وقد تم تداركه بالفعل من بنت مصرية في تعليقاتها الأخيرة في مدونتها وأرجو أن تستمر في تصويب المسار

saadny_architect يقول...

ربما تعليقى عن المجلة كان انفعالى بعض الشىء على غير عادتى ولكنى وقتها تأثرت بما كتب عنها فى مدونة بنت مصرية وصدمنى العرض للموضوع ...وانا لا انكر حق المجموعة بالانفراد بالمجلة ولكن فى رأيى كان من الواجب اعلان ذلك بشكل آخر يتضمن توضيح ذلك ويقدم اعتذار للمشاركيين الذين تم دعوتهم بداية من بنت مصرية ثم فى منتدى شباب مصرى وبعد عرض موعد الاجتماع علانية بالمنتدى ...اى فى حالة ان الدعوة داخلية او موجهة الى افراد بعينهم لما حدث سوء تفاهم..عموما نتمنى الخير فى النهاية للجميع طالما انه فيه صالح هذا البلد

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

أتفق معك وهذا ما كنت أعنيه بأنه قد حدثت أخطاء مهمة في العرض وأيضاً في إهمال من اشتركوا في المنتدى بداية بدون سابق إنذار، فقد تم اتخاذ قرار بعد الاجتماع ولكنه لم يضع في الحسبان أشخاصاً كان من الواجب أولا تقديم توضيح لهم قبل العمل في اتجاه معين، أي أنه قد حدث اضطراب في المنهج، على الأقل المعلن، وهو ما يعنينا، وقد ناقشت كل ذلك مع بنت مصرية وأعتقد أنها اقتنعت وأعتقد أيضاً أنها أدركت حدوث هذه الأخطاء ولعلها، وهو ما أعتقده أيضاً، كانت غير مقصودة من الجميع ولكنه فقط سوء تخطيط وعدم خبرة أيضاً في الإدارة، وهذا هو أيضاً ما أخشاه على المجموعة، لان الموضوع ليس موهبة في الكتابة ولكنه قبل ذلك إدارة..إدارة..إدارة.. وقد يستطيع إنجاح مثل هذا المسعى من لا يتسطيع الكتابة ولكنه يتمتع برؤية إدارية واضحة، ولعلهم قد أدركوا أن سوء التصرف قد نتج عنه تنفير المتابعين للموضوع ومن تحمسوا له منذ البداية، وأعتقد ان بنت مصرية حاولت بالفعل استدارك هذه الأخطاء في تعليقاتها الأخيرة

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين