الجمعة، ديسمبر 23، 2005

ما يبقى وما يفنى وما يجتمع أ و يتبدد

كنت راقداً على سريري أفكر، لا بالعقل وحده، ولكن بأشياء أخرى في نفسي. طفا إلى السطح حديث رسول الإسلام عما يبقى من عمل الإنسان بعد رحيله: ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به، أو صدقة جارية.

قد تكون خمنت أن مثل هذه الأفكار هي ما يعرض لمن تطوف بذهنه تساؤلات عن المستقبل ومعنى الحياة وما إلى ذلك. وهي تساؤلات أحياناً ما تصاحب حالات فتور الهمة أو فتور النفس وكآبتها. حينها عرض لي هذا الحديث، في محاولة الفكر السائح بين مفردات الذاكرة إيجاد علامات الطريق المألوف والغريب في ذات الوقت.

يعني الموضوع سعي بسيط وراض وأخذ بأسباب الحياة العادية، الولد الصالح يأتي بزواج موفق وتربية فطنة للأبناء تجنبهم شر أنفسهم وتتيح لهم أفضل ما فيهم. ويبدأ ذلك باختيار الإنسان لشريك حياته ولا شك. هذه واحدة، وهي تقال في كلمات معدودة غير أنها تتوزع على حياة طويلة وأحوال كثيرة ومساعي متكررة مختلفة ومتشابهة. الثانية علم يبقى وينتفع به. قلت من ذلك كتابة لها قيمة قد تنفع من يقرأها بعد ذهاب كاتبها. هل يفكر الكاتب في منتجه بهذا المعنى؟ ويتساءل هل سوف يعد ما أكتب الآن علماً ينتفع به؟ الثالثة صدقة جارية. هنا دخلنا في مجال العصر، البيزنس والمال والأعمال، وإلا فكيف تنشيء صدقة جارية إلا إذا صنعت ثروة ومالاً وفيراً ومشاريعاً قادرة على البقاء والاستمرار في العطاء؟ هل يكون المعنى في هذه الأشياء؟ هل ذلك هو ما يتصدى بالفعل لشعورنا باللاجدوى أحياناً؟ حين نفكر في مساعينا الصغيرة، ونتساءل-إذ نرى حقارتها وصغرها ومحدوديتها-عن قيمتها المحدودة التي قد تغرينا بالتوقف كبديل عن العمل لمثل هذه الصغائر.

إننا في محدودية اللحظة الراهنة نصبح فريسة سائغة لليأس من تحقيق عظائم الأمور، فنحن لا نرى في اللحظة الواحدة سوى إمكان عمل شيء واحد صغير وحقير. فنفضل السكون والكآبة. ولا يصمد العقل أحياناً أمام هذه الحالات بحقائقه الهندسية عن أن المبنى الكبير إنما يتكون من أشياء صغيرة. يبدو أن ملخص الأمر هو ما نفعل في الصغائر. فالأحجار التي تكون بناء جميلاً قد تكون هي هي ما يكون مهملاً للأحجار المتراكمة فوق بعضها البعض في عشوائية وحزن فوضوي. نفس الأحجار بنفس العدد، والمحصلة في النهاية لكيفية جمع صغائر الأمور والأفعال في منتج نهائي. لا يكون ذلك إلا بخطة، قد تتغير وتتبدل في الطريق، ولكن لا مفر منها. هذا منطق العقل. غير أن الكآبة لا تزول أمام ذلك إلا لتعود. هنالك عامل مفقود أو مجهول، هو القادر على جمع الصغائر على هدف. لم أجده بعد.

هناك 3 تعليقات:

saadny_architect يقول...

خير الأعمال أدومها وان قل ...فعظم الاشياء وضآلتها نسبى فعلينا فقط أن نسعى .....فاذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضه ...فلا يعنى هذا ضآلة الدنيا بل يعنى عظم المولى عز وجل وأنه أكبر وأعلى ولله المثل الاعلى .....والنبى (ص) يشبه نفسه كموضع لبنة تتم بناء بيت أقامه الانبياء من قبله ...ولا يقلل ذلك من مكانته (ص)..و التقدير للعمل ليس بحجمه بل بما بذل فيه من جهد (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).......والله يضاعف الحسنات الى ما شاء بقدر الجهد فيها والتقوى والنية ....فالله ينمى الصدقات بمعنى ان القليل يصبح كثيرا (يمحق الله الربا ويربى الصدقات) ....والصدقة الجارية قد تكون حجرا فى مسجد أو مستشفى أو ظلا لشجرة يستظل الناس بها أو ....أى شىء يتناسب مع المقدرة المالية للشخص ذادت أو نقصت فالله ينمى القليل منها اذا حسنت النوايا

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

صدقت يا محمد والله .. شكرا على حسن الكلام وحسن المعنى

ولكن إيجاد الدافع للحركة والسعي لا يتأتى بالإدارك وحده .. هناك عامل آخر قلبي أو نفسي يتيح للإنسان أن يستمر .. كيف يهيئه الفرد لنفسه؟

عموما لا علينا .. نورت البلوج

غير معرف يقول...

تفسير العدل والإعتدال في سبيل الله
(( هدية إلى كل مؤمن ومؤمنة إلى قيام الساعة ))
السلام عليكم .. أهديكم آخر أعمالي الذي يحمل عنوان : (( تفسير العدل والإعتدال )) وقد تطلب إنجازه 20 عشرين عاما كتابة وتفرغا ومراجعة .. وهو يقع في 5 مجلدات وفي آلاف الصفحات .. ونظرا لضخامة العمل .. فقد وضعته على ذمتكم بموقعي على الرابط التالي http://achour60.tripod.com
تيسيرا لتنزيله عندكم بالطريقة التي تعجبكم مع آراء أهل الذكر في تفسير العدل والإعتدال من جميع أنحاء العالم .. وقد جعلت عملي صدقة جارية وفي سبيل الله .. وهدية لكل مؤمن ومؤمنة إلى قيام الساعة .. وتقبلوا فائق الإحترام دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله .
المؤلف والأديب :
محمد بن عاشور
عضو الأمانة العامة للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
عضو اتحاد كتاب بلا حدود بألمانيا
عضو رابطة الحديث بمصر
عضو اتحاد كتاب الإنترنات العرب
البريد الإلكتروني
benachourmouhamed@yahoo.fr
الموقع على شبكة الإنترنت
http://achour60.tripod.com
الهاتف 0021621366664
الفاكس 0021672277489

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين