الخميس، أكتوبر 13، 2011

الفرخة الجميلة والديك الوسيم


اختلاف الوجوه وتمايزها بين البشر من إبداعات الخلق المعجز ولا شك، لا سيما وأن تضاريس الوجه البشري هي هي. فالأنف دائماً ما يعلو الفم، ولا يوجد أبداً حاجبان أسفل العينين، وكل فم بشري يحتوي على شفتين اثنتين، الخ الخ! ومع ذلك فأنت ترى "عمر" صديقك أو "سحر" أختك فتعرفهما فوراً دون تفكير أو تدقيق.

لكنك لو رأيت مائة وجه غريب في وقت واحد فلن تشعر بتفرد كل وجه واختلافه الجذري عن كل وجه آخر. وربما بدت لك كل هذه الوجوه متشابهة. لماذا؟ ربما لأنك لم تتعرف بعد إلى الروح الكامنة خلف الوجه؟ هذه الروح المتفردة تضفي على كل وجه تميزه واختلافه عن غيره من الوجوه؟

فكر أيضاً كيف أننا نشعر أن الأجناس البعيدة، مثل أهل الصين مثلاً، لهم جميعاً شكل واحد! والواقع بالطبع أنك لو تعرفت على رجل صيني أو امرأة يابانية وعرفت اسمه واسمها فسوف تستطيع التعرف على هذا الوجه الصيني بين ملايين الوجوه الصينية الشبيهة! هل تظن مثلاً أن الرجل الصيني لا يستطيع تمييز زوجته من زميلته؟ أو معرفة إن كان هذا وجه أخيه أم وجه رجل آخر؟ بالطبع لا! لماذا؟ لأنهم في الواقع يشبهون بعضهم البعض فقط من بعيد، لكن الاقتراب الكافي من كل وجه يكشف عن تفرده الواضح.  

كل ما سلف بديهي تماماً. لكنه قادني للتفكير في أجناس أخرى ننظر إليها وكأنها جميعاً شيء واحد، أقرب للآلة. السيارة الفلانية من الموديل الفلاني والعام الفلاني هي بلا شك توأم مطابق تماماً لأختها من نفس الموديل. لكن ماذا عن كل هذه القطط التي يشبه بعضها بعضاً؟ ألا ترى أن جميع الدجاجات هي نسخة طبق الأصل؟ هل نحن على يقين من ذلك بالفعل؟!!!

ربما لا نستطيع تمييز كل دجاجة عن ملايين الدجاجات الأخرى لأننا ببساطة لم نقترب منها بما فيه الكفاية ولم نتعرف إلى "شخصيتها" الكامنة خلف جسدها الدجاجي اللذيذ!

إن القران يحدثنا، كما تعلم، عن نمل يحدث بعضه بعضاً بل ويعرف أنبياء البشر بالاسم والرسم (النملة التي نبهت أخواتها أن يفسحوا الطريق لنبي الله سليمان – عليه السلام – حتى لا يهلكوا تحت أقدامه وجنوده!).

بل قد نذهب لأبعد من ذلك ونتخيل أن النمل والدجاج والقطط والكلاب هي أيضاً يعجب بعضها بعضاً، وهنالك منها من هو قبيح ومن هو جميل في أعين عشيرته! ولم لا؟

نحن نقضي جل أعمارنا غافلين عن الكون غارقين في حدود ضيقة هي حدود ذواتنا. ولعلنا لا نرى من الحياة الحقة حولنا إلا مسافة شبر واحد أو أقصر! والرؤية الحقة تتطلب تصحيح أداة ليست هي العين لكنها البصر والبصيرة. لعلنا لن نتوقف عن الانبهار يوم واحد لو ازدادت أبصارنا حدة في نظرنا لما اعتدنا من أشكال الحياة والأحياء على هذه الأرض الصغيرة السابحة في الكون الواسع!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جميلة جدا جدت يا محمد, بجد رائعة ... تحياتي...
احمد حسن

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين