الخميس، يناير 07، 2010

الجدار وما خلفه


صور التقطتها منذ يومين في وسط مدينة شيكاغو، أمام القنصلية المصرية. كانت جماعة قليلة من المتظاهرين ضد ممارسات إسرائيل ضد غزة وضد الجدار المصري الجديد. وكان أغلبهم أمريكيون، أحدهم تقول يافطته أنه يهودي ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. توقفت وتكلمت أولاً مع شاب صغير، قلت له أنا مصري وأنا كذلك معارض للسياسات المصرية. سألني لماذا يفعل مبارك ذلك، فأجبته أن الفساد في مصر وصل إلى مرحلة خطيرة أصبحت تهدد المواطن في طعامه وأساسيات حياته الإنسانية، وأن زعماء الفساد يريدون إبداء الود لإسرائيل ومن ثم أمريكا للحفاظ على عروشهم!

تركتهم ثم مررت بهم مرة أخرى في عودتي من ذات الطريق، فقررت التوقف واستغلال كاميرا المحمول! استأذنتهم في التقاط بعض الصور، فرحبوا بذلك. قلت مرة أخرى بصوت مرتفع أنا مصري، وأن أكثر المصريين معارضون لهذه السياسات. رأيت صورة الرئيس الحاكم فقلت أنني لا أحبه، فقال رجل أمريكي "لا ترفع صوتك هكذا!"، من الواضح أنهم يعلمون تماماً طبيعة الحياة السياسية في العالم المختلف والمتخلف!

أما بخصوص الجدار، فلابد من طرح بعض الأسئلة ومحاولة رؤية الواقع ورصد بعض الحقائق، فالمصريون متعلقون عاطفياً بالقضية الفلسطينية ولا شك، ونحن نعتبرها قضية تكاد أن تكون خاصة بنا، لكن فلسطين ليست ضحية إسرائيل ومبارك هكذا ببساطة، فهؤلاء عرض لمرض أعمق جذوراً وأكثر فتكاً!

لابد من إقرار أن وجود ما يزيد على ألف نفق بين مصر وغزة هو عبث لا يمكن أن تقبله دولة محترمة! فالأنفاق تعني مرور ما لا علم لنا به ولا يمكن بالتالي ضبطه أو الحكم عليه سلباً أو إيجاباً. قد تمرر الأنفاق طعاماً وقد تمرر مخدرات! ولو أردنا مساعدة غزة فإن ذلك لا يكون بأنفاق سرية! بل بتنظيم مساعدات واضحة معروفة. إن الأنفاق جريمة في حق مصر تماماً كما أن منع المساعدات أن تمر إلى غزة جريمة إنسانية في حق إخواننا هناك.

الحقيقة الأخرى في المشكلة الفلسطينية أن الجهاد الفلسطيني أثبت فشله. فالسلطة الفلسطينية لا تختلف عن أي قيادة عربية أخرى، حيث يعمل رجالها لمصالحهم الخاصة. والسلطة الفلسطينية تتلقى مئات الملايين من الدولارات من المساعدات تهيء لرجالها حياة رغدة ثرية! بل إن السيدة أرملة المجاهد الراحل ياسر عرفات قد تكون مليارديرة بما ورثته عن "أعمال" زوجها. أما ما يسمى بالجهاد الإسلامي فحدث عن العبث بلا حرج! قوم لا تعلم أين تعلموا السياسة أو الحرب أو الدين، يرمون ببعض مفرقعات الأطفال المسماة صواريخ هنا وهناك. وقد أصبحت القصة مكررة يستطيع أي طفل أن يتنبأ بها، صواريخ من حماس تثير بعض الضوضاء، يعقبها عقاب جماعي ينزل بالفلسطينيين العزل! والنتيجة واضحة، فالمستفيد من نشاط حماس الجهادي هو إسرائيل وحماس نفسها، وفقط! فحماس تحصل بهذه الممارسات الغبية على شعبية وتظهر بمظهر المجاهد المدافع دون أي نتائج حقيقية. والآن يتم قتل جندي مصري بريء على يد حماس نفسها!

إن أعداءنا نحن الشعوب العربية هم رؤوس الفساد والخيانة وأدواتهم، وليس إسرائيل. والمثل المصري يقول: "المال السايب يعلم السرقة". فلم نلوم السارق ولا نلوم من أباح المال لكل لص وأفاق؟! وطالما أباحت الفريسة نفسها فسوف يوقعها الصيادون، هذه طبيعة الحياة وقصة البشر على الأرض!






هناك تعليق واحد:

Mohamed Ezz يقول...

جامده جدا

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين