الجمعة، يونيو 06، 2008

طعم الفساد: اللصوص والمساعدات الغذائية

حسناً أنا لست مقيماً في مصر الآن، لكن هذا لا يحول بيني وبين رائحة الفساد الفرعونية الحديثة. فإنها قد فاقت الهرم الأكبر شهرة ورسوخاً، وغلبت أبي الهول صمتاً وشموخاً، يتعالى على الخلق، ويجتريء على الحق. لقد "فاحت" الرائحة حتى عبرت القارة الأفريقية حتى مغربها، ثم طارت فوق المحيط الأطلسي العظيم، ووصلتني سالمة إلى الولايات المتحدة، دون أن تفقد شيئاً من عطرها الذي يحسب نفسه ذكياً، وهو يدير أزكى العقول تأففاً وحيرة!

طعم الفساد في هذه التدوينة هو طعم اللبن الأبيض. ألم تكن تراه رائق البياض، معلباً برقة وأناقة، معقماً نظيفاً يعدك بالخير والعافية؟ اعذرني لو أقلقت ظنك الحسن، وأفسدت أحلامك الهانئة! ولتقرص كلتا أذنيك بيديك، فأنت الذي صدقت مظاهر الألوان وكاذب الوعود. فقد تزين لك الماء وبعض البودرة في لباس لبن أبيض طبيعي. ثم أنك لم تكن تعلم أنك حين تدفع لقاءه مالك، فأنت تدعم السارقين، وتحفظ ثروات الكاذبين!

فما هي الحكاية وتفاصيل الرواية؟ بص يا سيدي وبصي يا سيدتي. الحكاية، أولاً واستفتاحاً، أن ما تشتريه من لبن في الأسواق المصرية ليس لبناً طبيعياً من أثداء الأبقار والجواميس المحلية. بل إن كثيراً منه ليس إلا الماء والبودرة (والوجه الكئيب!). فإذا علمت أن هذه الشركات لن تستخدم بالطبع ماء معدنياً – لا سمح الله – أدركت مثلي تماماً أن اللبن إضافة لكونه غير طبيعي، فهو يحمل جميع مميزات مياه الشرب المصرية! وللحق والتاريخ (الأسود) فلست على يقين من جزئية الماء هذه. جايز بيستخدموا مياه معقمة وإن بعض الظن إثم؟ الله أعلم.

ثم نأتي للب القضية. واللب، الذي هو الجوهر، تحول بقدرة قادر لدى المصريين إلى أداة لهو و"قزقزة"! فلا عجب، بعد أن أكلنا اللب، ولم نبق منه إلا "قشوره" رميناها على كل أرض، وزينا بها كل ركن ثابت ومتحرك، أن يحمل الخير خزائنه ويرحل عنا – إلى رجعة مستحقة، أو غياب أبدي، حتى يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه!

لب القضية أن هناك ما يسمى بالمساعدات الأمريكية. هذه المساعدات يأتي بعض منها على هيئة مساعدات غذائية، ومنها لبن البودرة. فيتحول لبن البودرة – المجاني – من موائد المحتاجين، إلى جيوب المحتالين، من رجال الحكومة المخلصين – لأنفسهم طبعاً – ورجال الأعمال الأفاقين. فهمت حاجة؟

ملحوظة: هذا ما وصلني عن اللبن. وكما قلت بالأمس في مدونة صديقي د. إبراهيم، وما زلت مصراً عليه: أن ما خفي كان أسوأ وأكثر فجوراً وإجراماً، وما ظهر من تقصيرنا كان أعظم!

هناك 5 تعليقات:

دي قضية بلد يــا علــي ؟؟!! يقول...

في البداية تحياتي ليك ... والله يا عم محمد انا بدأت أكره نفسي من اللى بيحصل .. وبعدين انت جاي على حاجة بسيطة وهو موضوع اللبن .. وزي ما قلت ما خفي كان أعظم ... الفسااااااااااااااااااااااااااااااااااد مسيطر على كل حاجة فى مصر من أول اللبن لغاية الكفياااااار.. من أول الغفير لغاية الوزير ....لو كان الموضوع فساد اللبن بس كانت تبقى بسيطة......بس هأقول ايه ..... برضه انا وأنت السبب.... على الأقل خاااااااالص بنساهم بجزء فى اللى بيحصل ...

تحياتي يا غالي

دي قضية بلد يــا علــي ؟؟!! يقول...

صحيح .... أنت مقيم فين خارج مصر ؟؟؟؟؟

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

بص ما هو انا عارف ان ما جاتش على اللبن
بس انا بتكلم عن الموضوع ده عشان وصلني بشكل شخصي بحت يعني مش من اي وسائل اعلامية
واكيد كلنا مسؤلين
اجدادنا واباءنا مسؤلين واحنا مسؤلين عن المستقبل

اما انا مقيم فين ففي شمال ولاية نيويورك في امريكا
مش مدينة نيويورك لان دي بعيدة عني 5 ساعات

دي قضية بلد يــا علــي ؟؟!! يقول...

أزيك يا عم محمد .. يارب تكون بخير ...... فعلاً انا بأيدك تماما .. أن اجدادنا وأباءنا مسئولين تمااما عن الماضي ... زي ما انا وأنت مسئولين عن المستقبل ... على فكرة انا كمان مقيم خارج مصر بس فى الخليج ... وإن شاء الله فى مشروع سفر لأستراليا قريب ....المهم بقى يا سيدى زى ما أنت قلت أن انا وأنت مسئولين عن المستقبل .. بس تفتكر هنقدر نغير حاجة .. أهو انا وأنت مقيمبن خارج مصر وبنشرب سجاير مارلبورو ( اسف لو مكنتش بدخن )... وأخواتنا وصحابنا في مصر مش لاقين سجاير فرط يشربوها....هل تفتكر ان ممكن نغير حاجة على الرغم من أقامتنا فى الخارج ... ولا الغربة هتنسينا .....بس انا هأولك على حاجة ... العيب فيه وفيك وفى أخويا وصحابي وفى أخوك وصاحبك ..... لأننا سلمنا بالأمر الواقع ... ومعندناش الا الكلام وبس ( انا اسف لو كان كلامي حاد شوية ...اصل بجد مخنوووووووووق جدا ) .... من الشعب المصري ده ... ومخنوق من الشعب نفسه . قبل ما أكون مخنوق من الحكومة .....فعلا شعب الكلاااااااااااااام ....... وأقسملك بالله وعن تجربة شخصية... أعرف ناس ( ولاد و بنات ) بيكون كلامهم حلو قوي تحس أنهم ثوريين تحس ان اللى بتيكلم ( جيفار ا) سواء كانوا بيتكلموا فى مناقشات سياسية أو إقتصادية أو على المدونات ...وبيكونوا فى الحقيقة أضعف من أنهم ياخدوا قرار فى مسائل تخصهم .. يبقى أزاي هيقدروا يتبنوا قضية عامة ويدافعوا عنها .... وفى النهاية نستاهل الل بيجرالنا ...

تحياتي .. وأسف على الإطالة



ويجعله عااااااااااااامر

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

لا سجاير ايه انا ما بدخنش يا عم
:)

بص التغيير الكبير مش في مقدور شخص واحد ابدا
يعني انا وانت ما نقدرش نعمل حاجة دلوقتي
بس خللي بالك من دلوقتي
ما فيش تغيير ممكن يحصل بشكل فوري
لكن فيه ناس عارفة اهمية التغيير
وبتحاول تتعلم وتفكير بمرور الوقت
لحد ما تلاقي شيء مؤثر فعلا ممكن يتعمل
وده اللي انا وانت ممكن نعمله
والسفر بيدينا خبرة مش مجرد اننا بعيد عن المشاكل
احنا بنحاول نعمل ثقب او خرم في الواقع
الاول ده ثقب شخصي
يعني انا وانت بعيد عن المشاكل
وفي نفس الوقت ممكن اللي سافر يساعد حد صاحبه او قريبه
ده ثقب صغير في الواقع بتاعنا
كمان اللي سافر بيحاول يقوي نفسه
لان اللي غرقان مش هيقدر ينقذ نفسه ولا غيره
انا اشرت للحتة دي لما كنت بكتب عن اسبابي للهجرة
اني لازم انقذ نفسي عشان اقدر انقذ حد تاني
ما ينفعش اقول ياللا انا هساند مصر اني اغرق معاها
والمهم هو اننا ما ننساش يعني بمرور الوقت وتراكم الخبرات
كل واحد بيجمع افكار لحد ما ييجي الوقت المناسب لتنفيذها
وصدقني ممكن ييجي
لكن اللي هيشاركوا بس هم مخلصي النية
وبتوع الكلام بس طبيعي هيساهموا في تكريس الواقع
هنعمل ايه
في الوقت الحاضر ما نقدرش نعمل غير اننا نفكر
واي تغيير في التاريخ بدا كده برضه

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين