الأحد، أبريل 30، 2006

ما ينفعش

رأيت الليلة الماضية فيما يرى النائم حلما متشعب الأحداث، كان من الممكن أن يمر مرور الكرام على أنه لغو منامي، غير أنني حين توقفت قليلاً أمام أشياء فيه رأيت أنه قد يكون لها دلالات تستحق الإثبات. في الحلم أن هنالك مبنى في حارة ما، من يصعد إليه لا يعود منه. لا أعلم أو لا أذكر لماذا قررت أن أصعد إليه، وحين وصلت إلى منتهاه، أي سطحه، وجدت شكل الدنيا قد تغير وأنني انتقلت في الواقع إلى عالم آخر، فالصحراء تحيط بالمبنى من كل جانب، ولا أثر للمدينة وكل ما يفترض أنه حول المبنى. أدركت حينها لماذا لا يعود من يصعد، لأنه ينتقل إلى عالم آخر بالتأكيد حيث يوجد أي أثر للعالم القديم، الحقيقي. رأيت فتاة تقترب مني، شعرت أن وجهها مألوفاً، سألتها ان كنت أعرفها، أخبرتني باسمها فلم أشعر أني أعرفه. قالت أن لها حتى اللحظة عشرون عاماً في هذا المكان، تحتال فيها لتجد الطعام والشراب من بين ما . تجده في ذلك العالم الفقير من معالم الحياة والمجدب. سألتها إن كانت قد حاولت الخروج والعودة إلى العالم الحقيقي من قبل، فأجابت: "ما ينفعش"، سألتها لو كانت قد جربت، فظهرت عليها الدهشة ولم تجب على سؤالي، فقط كررت باستغراب أنه: "ما ينفعش". قلت لها حسناً أمسكي يدي وتعالي نجرب معا أن نعود، ولنبق معاً أيدينا في بعضها البعض حتى نعبر ما بين العالمين. لم أكن متأكداً من النتيجة. ونحن خارجان وجدنا فتاة أخرى، قلت لها أو قلنا لها دون أي تبادل لحديث أمسكي في أيدينا ولا تتركيها حتى نخرج من هنا. ثم هبطنا وأوشكنا على الخروج. وفي طريقنا لأسفل وجدنا شابين صغيرين في طريقهما للصعود، حين رأيتهما وكأنني تذكرت أنهما كانا يصعدان معي، فتساءلت إن كانت العودة من ذلك العالم المجدت تعني أن يعود الزمن إلى الوراء، إلى ما قبل الذهاب إليه
هذا هو الحلم، أما ما قلته لنفسي حين استيقظت واسترجعته فهو أن الفتاة التي قضت عشرين عاماً سجينة في هذا العالم القبيح قد تكون قد قضتها دون محاولة الخروج أساساً، على أساس أن جميع الناس يقولون أن من يذهب هناك لا يعود، وكأنها إذن سجنت نفسها ليس في عالم أو ظروف يستحيل الخروج منها، ولكن في الايمان بالشائع وبما يقوله الناس من استحالة ذلك. في حين أننا حينما جربنا استطعنا النفاذ والنجاة. هذه واحدة. الدلالة الأخرى أن النجاة الجماعية أضمن وأكثر فعالية من النجاة الفردية، فقد كان من صلب خطة العودة أن نبق معاً ممسكي الأيدي بقوة حتى لا تتفرق أيدينا، وربما لذلك نجونا. أما الدلالة الأخيرة حين وجدت أن الزمن قد عاد فهو أن الإصلاح يجب ما قبله، يعني مهما ضيعنا من عمر وزمن في الظلمة، فكأن كل ذلك لم يكن حينما نخرج بأنفسنا إلى الحياة الحقيقية. من ذلك قول رسول الإسلام أن الإسلام يجب ما قبله. أو قول الله تعالى عن تبديل سيئات التائبين حسنات. يعني لا علينا أن نتوقف عند كم من الزمن كم ضيعنا في الخراب والظلمة، فسوف يذهب كل ذلك إذا عدنا إلى النور وإلى الحياة الحقيقية

هناك تعليقان (2):

saadny_architect يقول...

عودا حميدا وحلما سعيدا
ارى أن الحلم فيه دلالات أوسع قد يفهمها عالم ...وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين....ولكن دلالة الفتايات فى الحلم قد تعنى رغبتك فى الزواج وربما انت محتار بين أكثر من اختيار ...ويلعب الزمن دور فى حسم الاختيار ...رغبتك بالعودة بالزمن قد تعنى فرق سن كبير بينكما ..ورغم ذلك تحاول العودة بالزمن رغم ما قالته ..(ما ينفعش ) ..وربما الجدب والصحراء والجوع دال على معاناة لتلك الفتاة على مدار حياتها ..الرجوع فى عكس الاتجاه قد تعنى معاداة للآخرين ..اما الفتاة الثانية فقد تكون البديل الثانى الأيسر حيث انها كانت موجودة اثناء رحلة العودة و ربما لها صلة ما أو قرابة أو صداقة بالفتاة الأولى ...عدم خروجك بعد من المبنى يعنى أن الصراع لم ينتهى بعد
--------------
لا تأخذ على كلامى ... ربما اندمجت قليلا ...ولم أكن ارتب مسبقا لما كتبت
فانا ايضا عندما اكتب اكون فى حالة ما بين الحلم والحقيقة
----------

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

شكرا يا محمد على تعليقك، والحقيقة أنا أرى أن لديك موهبة حقيقية في تفسير الأحلام :)
لكني في الحقيقة لم أنظر أحاول النظر إلى هذا الحلم بشكل شخصي، ربما لأني شعرت أنه أقرب للغو أو لحديث النفسي، لذلك حاولت أن أستنبط منه دلالات عامة ومعاني تتعدى شخص بعينه، نبعا من اعتقادي أن المعنى موجود دائما خلف الفوضى الظاهرة، لو دققنا النظر

أما تفسيرك فربما كانت فيه أشياء حقيقية، ولكنني في الحلم لم أرغب في العودة للماضي كما قلت، يعني النقطة دي مش مظبوطة :)

عموما ما زلت أعتقد أن لديك موهبة في تفسير الاحلام .. ايه رأيك ما تفتح موقع تفسير أحلام :)
أو قد تفعل ذلك في مدونتك إن شئت

أما قولك أنك حينما تكتب تكون في حالة ما بين الحلم والحقيقة، فالحقيقة أن هذه من أفضل حالات الكتابة في رأيي، لأنها تقرب الانسان من وعيه الباطن الذي قد تختبيء فيه حقائق ومعاني غير ظاهرة تماما للعقل الواعي

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين