الأربعاء، ديسمبر 28، 2005

بنت أمريكية

ربما يكون في العنوان أعلاه إسقاط من العنوان البسيط والجميل الذي اختارته بنت مصرية عنواناً لمدونتها. والآن أواصل عرض صور قريبة للآخر، وقد بدأت بعرض بروفايل لصديق أمريكي شاب، والآن أقدم بروفايل جديد لصديقة أمريكية شابة في الخامسة والعشرين من عمرها. وسوف أستهل البروفايل بقصة تعرفي على ميكيلا، فمنذ أكثر من عام طرأت لي فكرة تعليق إعلانات في المدينة الصغيرة التي أعيش فيها لتدريس الفرنسية أو العربية، وقد رأت ميكيلا هذا الاعلان وأرسلت لي رسالة الكترونية بالفرنسية تقول فيها أنها أمريكية عاشت عاماً في فرنسا حيث درست الفرنسية وأنها تريد تعلم اللغة العربية ولكن باستخدام الفرنسية، يعني تتعلم لغة جديدة تماما وفي ذات الوقت تمارس فرنسيتها حتى لا تنساها. ورحبت بالأمر فعلا وفي خلال أول لقائين مع ميكيلا كان حديثنا يدور بالفرنسية فقط، ثم تطورت الصداقة أبعد من دروس اللغة التي توقفت أيضاً بعد فترة يسيرة. وكان من أهم أسباب تطور الصداقة قرائتي لمقالين كتبتهما ميكيلا بعد سفرها إلى السنغال والدومينيك، الأول عن الفقر في جمهورية الدومينيك، والثاتي عن الفقر ومشكلة الديون في السنغال. وقد شدني في المقالين فكرها الإنساني ورفضها للهوة الظالمة التي تفصل بين مجتمعها الغني وتلك المجتمعات الأفقر.

درست ميكيلا علم النفس في جامعة كورنيل الشهيرة. بعد إنهاء دراستها قضت عاماً في فرنسا لدراسة الفرنسية والعمل. وهي الآن تعمل في برنامج للأطفال المعرضين لأخطار اجتماعية حيث تنظم نشاطات مختلفة لهم مثل المعسكرات وغيرها مما ينمي الوعي لديهم. وهي تفكر في تغيير مجالها بعد ذلك، فقد ظنت في البداية أن علم النفس هو ما تريد عمله، غير أنها الان تود دراسة التخطيط الحضري لتساهم في تخطيط مدن صديقة للبيئة وقادرة على توفير الصحة والجمال للإنسان.

ميكيلا مهتمة بالبيئة، وهي تقود سيارة تعمل بالزيت النباتي، وهو ما يسمي بالبيوديزل، وقد اشترت سيارة تعمل بالديزل حتى يمكن تحويلها إلى استخدام هذا النوع من الطاقة النظيفة جدا. ومن ميزات هذه الطاقة أن الزيت يتأتى من استخدام زيت القلي من المطاعم وتنظيفه ثم استخدامه كوقود للسيارة، مما يحافظ على البيئة مرتان، الأولى عدم التخلص من الزيت المستخدم كنفايات تثقل على البيئة، والثانية بالطبع تتمثل في عدم صدور عوادم ملوثة من السيارة. وهي لا تهتم وحدها بهذه القضية، فأقرب صديقاتها إليها، ميجان، تعمل في مجال الطاقة البديلة، وهي و"شلة" أصدقائها يعملون معا في مشروع تحويل الزيوت المستخدمة لوقود لاستعمالهم الشخصي في سياراتهم وبيع ما تبقى إذا استطاعوا.

قد يظن الكثير من الشباب العربي أن الاباحية الجنسية طابع لصيق بجميع أهل الغرب، ولا شك أن ذلك موجود في بلادهم، ولكنه ليس مطلقاً، وهناك عائلات كثيرة متدينة تلتزم بنفس تقاليدنا في الشرق، وميكيلا وإن لم تكن تنتمي إلى عائلة متدينة إلا أنها ترى في الإباحية الجنسية تعبيراً عن الفشل والعجز الروحي للناس.

ميكيلا وأصدقاءها جميعا يكرهون الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش "كره العمى"  وهي ترى أنه إرهابي. وبعد انتخابه للفترة الثانية أصيبوا جميعا بالصدمة. قابلتهم بعد الانتخابات مباشرة. ميجان قالت أنها ظلت تبكي طوال اليوم من الحسرة، ميكيلا ظلت تواسي الكثير من أصدقائها في اتصالات تلفونية لغلبة الإحباط الشديد على مشاعرهم بعد فوز بوش. ربما يعتقد القاريء أن فيما أقول مبالغة، ولكنه الحقيقة، فهكذا كان رد فعل من يكرهون بوش من الأمريكيين، وكأنهم في جنازة تبكي فيها الفتيات ويتجمع الأصدقاء على مواساة بعضهم البعض.

ميكيلا تؤمن بالله إيمانا عميقاً غير أنها لا تعتبر نفسها كاثوليكية، ديانة أهلها، وهي لا تؤمن بدين منظم لما ترى في الدين من حيد عن روحانيته. غير أنها منفتحة للحوار عن أي دين ولا ترفض الدين رفضاً مبدأياً. وقد أهديتها ترجمة للقران وسعدت بها ووعدت بقرائتها حينما تستطيع.

ما زالت ميكيلا تعمل على تسديد قرض دراستها الجامعية، ولذلك فهي لا تهدأ ولها نشاطات متعددة بجانب عملها الأساسي، فهي تصمم مواقع على الانترنت ولها نشاطات أخرى لا أعلمها، ولكنني أعلم كيف أنها دائمة النشاط والحركة. وهي تهوى الطبيخ أيضاً، وحين أصطحبتها مرة هي وميجان إلى مطعم للأكلات الشرقية ورأت البقلاوة عرفتها وقالت أنها تعرف كيفية عملها أيضاً! كما أنها نباتية وقلما تأكل اللحوم، وتحاول اتباع نظام غذائي صحي يتجنب الطعام الصناعي ويكثر من المزروعات الموسمية والمحلية، على أساس أن الطبيعة تقدم للانسان في كل فصل ما يناسب احتياجات جسمه في هذا الفصل، وهو ما يتغير مع تغير الفصول والمناخ.

هذا ما حضر في ذهني حتى الآن في هذا البروفايل لشابة أمريكية معاصرة، وأحب أن أعرف آراءكم وتعليقاتكم.

للمزيد من المواضيع المشابهة طالع موقع الحياة في أمريكا.

هناك 6 تعليقات:

saadny_architect يقول...

اعجبنى فى البروفايل هذا التداخل ما بين العلم والعمل وما يؤمن به الانسان من فكر واهتمامات شخصية فمن علم النفس الى التخطيط الحضرى غالبا يصعب تخيل ذلك فى بلادنا فقد درست انا نفسى التخطيط الحضرى ولكن بعد دراستى للعمارة كامتداد منطقى لها ....على اى حال فان الاهتمام بالتخطيط الحضرى من زاوية البيئة فهو منحى هام سلكه الغرب من اوائل السبعينات تقريبا فى حين بدأ الانتباه له عندنا كفكرة فقط منذ سنوات قليلة ربما ثلاث سنوات ...وهذا ما يعرفه العالم بمفهوم (الاستدامة)...Sustinability..
وهو باختصار المحافظة على الموارد الحالية من النفاذ وتركها للاجيال القادمة مع الاهتمام بالبيئة وقد كانت قمة الارض الثانية فى البرازيل مهتمة اهتمام رئيسى بهذا الشأن ونتج
عنه وثيقة الارض عام1992
the earth charter
ربما افرد مقال بالكتاب عن الاستدامة فى العمارة والتخطيط الحضرى
وحتى لا ابتعد عن البروفايل فهل الاهتمام بالعلم هو سر تقدم امريكا أقصد على مستوى الافراد ؟؟
هنا اود ان يكون هناك استنتاج من وجهة نظرك عن سر التقدم وعلاقته بالبروفايل ...لكى نحاول ان نضع ايدينا على اسباب تخلف بلادنا..وما نستطيع فعله عمليا لتغيير ذلك

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

فهل الاهتمام بالعلم هو سر تقدم امريكا أقصد على مستوى الافراد ؟؟

نعلم جميعا مكان العلم في أمريكا كدولة، أما على مستوى الأفراد فكل ما أستطيع قوله هو رواج سوق الكتب وبالتالي القراءة لدى الأفراد بشكل ملحوظ وفي أماكن مختلفة، فمكتبات بيع الكتب الضخمة تجد منها أكثر من واحدة في مدينة صغيرة، ومع ذلك لا تشكو كساداً بأي حال من الأحوال، على العكس فهي دائما تموج بالحركة والزبائن، ويكفي القول أن كتابة الكتب في الولايات المتحدة أحد وسائل تحقيق الثراء، وكثير من الكتاب ملوينيرات، وكثير منهم أيضاً نجوم في التفزيون لهم برامجهم الخاصة أو يتم استضافتهم بصورة منتظمة، ونادراً جدا ما تجد شخصية حققت نجاحاً في أي مجال كان دون أن تصدر كتاباً عن كيف تحقق النجاح الشخصي، وسير الناجحين شديدة الرواج في المجتمع الأمريكي، وفي ذلك دلالة ولا شك فعندما ينشغل الناس بالقراءة عن النجاح استبشرت خيراً في صحة المجتمع بصورة عامة على الأقل على مستوى النجاح العملي

أما سر التقدم وعلاقته بالبروفايل فلعلني أفرد لذلك تدوينة خاصة إذا أذنت لي، فقد يكون الموضوع جديراً ببعض التفكير الجاد فيه

غير معرف يقول...

كتابتك عن ميكايلا اعطت بعدا اخر لشخصية الأمريكية لم اكن اراه...واشعرنى بلمسافة بيننا..المواطن المصرى مازال يدور فى ساقية تامين احتياجاته الأساسية..العمل لخدمة المجتمع او لتنفيذ مبادىء نؤمن بها مقصور على الطلبة الذين لم يحن الوقت بعد لدخولهم فى ساقية...والقليل من المثقفين ايضا...

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

عم محمد

ربما كان هذا هو ما دفعني للهجرة أيضاً، ألا تستعبدني ضرورات الحياة حتى تلهيني عما هو أهم وأجدر بحياة الإنسان، لا أقول أن اختياري سليماً ولكن هكذا فكرت، والواقع كما أراه ان الناس هنا أكثر عطاء في النشاطات الخيرية التطوعية، والعطاء المقصود هنا ليس عطاء المال ولكنه عطاء الوقت والجهد دون مقابل مالي، وأعتقد أنه أكثر دلالة من عطاء المال الأسهل، وحركية الحياة على مستويات عدة تتيح لكل إنسان أن يختار ما يريده حقاً وأن يجرب، ولكن الطرق المغلقة تبقي الناس في سجون بلا جدران

ibn_abdel_aziz يقول...

ميكيلا مثل آن مثل توماس مثل دافيد ومثل روبرت ومثل سابرينا

ايضا درست العربية لهؤلاء ويكاد يكونون نسخ متطابقة من النموذج الذي قلته انت

هؤلاء هم الليبراليون او الذين يفكرون بشكل ليبرالي وكثيرا منهم طلاب يغلب عليهم في هذه المرحلة الفكر الليبرالي

اكاد اراهم في كل مكان اذهب اليه

اتعجب احيانا من انتخب بوش اذن ؟

جيد انك خرجت من الصندوق
ستري الكثير
وستفهم اكثر
استفيد من كل ثانية حيث تعيش الان

"وبالتالي القراءة لدى الأفراد بشكل ملحوظ وفي أماكن مختلفة، فمكتبات بيع الكتب الضخمة تجد منها أكثر من واحدة في مدينة صغيرة، ومع ذلك لا تشكو كساداً بأي حال من الأحوال، "

جميل انك لاحظت هذا :)

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

ابن عبد العزيز
من المؤكد أن محبي بوش موجودين، ربما كان التفسير أن الطيور على أشكالها تقع :) كما أن معارضي بوش قد يمثلون نصف الشعب الأمريكي وهي نسبة ليست بالهينة، وقد يكون أغلبهم بين المثقفين وطلبة الجامعة الأكثر تفتحا من الأجيال القديمة، غير أن هنالك من يشكك أساسا في الانتخابات ويرجح أنها مزورة !! :)

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين