الأربعاء، فبراير 06، 2008

الفرنسية في الثانوية

توقفت في قصتي مع التعليم العالي في مصر عند انتهاء مرحلة الثانوية العامة والالتحاق بالمعهد العالي للغات في القاهرة. واليوم أكمل القصة وأواصل النظر فيما مضى. والرؤية من على بعد-في المسافة أو في الزمن-أوضح كما تعلم. وحينما تنظر في الماضي بعد أن مضى، قد تقول لذاتك ليته يعود فأفعل كذا ولا أفعل كذا. غير أن الحق أن الزمن لو عاد بنا لفعلنا ذات فعلنا ووقعنا فيما وقعنا فيه من أخطاء. ولن ننتفع بالعودة إلى الماضي إلا لو عدنا إليه حاملين خبرة الحاضر ورؤيته! لكننا لن نكون بشراً لو هيأ الله لنا ذلك!

استلزم التحاقي بالمعهد انتقالي للحياة في القاهرة. ويبدو أن قدري مع الهجرة كان بذلك قد بدأ! حينما التحقت بالمعهد كانت نيتي وتصوري أنني سوف أدرس اللغة الفرنسية، ولا شيء غيرها. ومن هنا تبدأ التفاصيل المثيرة في الحكاية! (يا سلام يا سلام)

وقصتي مع اللغة الفرنسية بدأت في العام الأول من المرحلة الثانوية، فقد كانت هي لغتي الأجنبية الثانية بعد الانجليزية. وهنا نطالع الدرس الأول في القصة: قد يغير المدرس في مدرسته مستقبل طلبته! فلننظر في حال المدرسة وحال المدرسين في ديارنا ونخمن أي مستقبل يمهدون لنا! فقد شاء الله أن يكون أول مدرس يعلمني الفرنسية هو الأستاذ جمعة عبد المعز (سوف أذكر أسماء كثيرة لأنني أحمل لها تقديراً كبيراً، وذكريات حلوة، واحتراماً لن ينفد، وصداقة متواصلة مع بعض منها). كان الأستاذ جمعة من الأساتذة القلائل في التعليم الثانوي المصري-والوحيد في حدود خبرتي الشخصية-الذي يحسن الحديث ونطق اللغة الفرنسية بوجه خاص. لأن أغلب مدرسي هذه اللغة في مصر-إن لم تكن يعلم-يجيدونها قراءة وكتابة، لكنهم منفصلون عن اللغة الحقيقية كما يتحدثها أهلها. لذلك تجد كثيراً منهم يلقنون الطلبة الكلمات بغض النظر عن كيفية نطقها، بغرض النجاح في الامتحان ودمتم. حينما بدأ أستاذ جمعة في الشرح، لاحظ فوراً أنني الوحيد من بين الطلبة الذي أقلد نطقه وأحسن التقليد. فانتبه لي وانتبهت له. ثم أصبح صديقاً من بعد، خارج حدود المدرسة والدراسة (وسوف يكون ذلك طابع الكثير من صداقاتي فيما بعد، إذ سيكون أكثر الأصدقاء وأقربهم أكبر مني سناً). لكن بقية الطلبة كانوا يتخذون موقفاً فيه شيء من السخرية إزاء هذه المحاولات للحديث باللغة حديثاً سليماً. ولم آبه كثيراً لهذه السخرية، ربما لكوني أدركت في نفسي أن وراء السخرية إعجاباً، وربما شعوراً بعدم القدرة على ما منه يسخرون. ورأيي أن عدم القدرة يرجع أولاً لحواجز نفسية لا لقدرات طبيعية. وقد يكون الطلبة مثلاً قد وضعوا لأنفسهم قانوناً خفياً أن نطق الفرنسية السليم لا يجمل بالرجال، أو شيء من هذا القبيل!

المهم أنني في هذه المرحلة تمكنت من اللغة وأحسنت نطقها بما يفوق ببعيد أي من قرنائي، بل وكان في الإمكان إبهار بعض أساتذة اللغة أيضاً لو شاءت الظروف! وحديثي بالطبع ينحصر في أساتذة المدارس الثانوية الحكومية. ولذلك حينما التحقت بالمعهد تصورت أن الطبيعي أن أواصل دراسة الفرنسية.

غير أنني فوجئت بما لم يكن في الحسبان. فقد اتضح لي وأنا أختار القسم الذي أود الالتحاق به أن قسم اللغة الفرنسية بالذات، دوناً عن بقية أقسام المعهد، مقصور على الطلبة الذين تخرجوا من مدارس فرنسية. فهم لا يدرسون مباديء اللغة ولكنهم يدرسون في العام الأول أدب القرن السابع عشر، مع الترجمة وأشياء أخرى تستلزم مستوى متقدم في اللغة. ولذلك لم يتم قبولي في قسم اللغة الفرنسية، فالتحقت بقسم اللغة الألمانية! وللقصة بقية إن شاء الله.

هناك 5 تعليقات:

Unknown يقول...

عندك حق يا محمد اللغه الفرنسيه نطقها لذيذ جدا وفيها متعه غريبه
بس الالماني حلو برضه كان نفسى ادرسه الحقيقه
بس حكاية ادب القرن السابع عشر دى صعبه شويه
ياعم خلينا فى العربى احسن
:)

Rain_Drops يقول...

كنت تدرس ألماني يا عم كنت هتلاقيه أسهل

معلش حكاية الكابلات اللي اتقطعت دي خرجتنا برا النت شوية

غير معرف يقول...

Bin gespannt, wie die Geschichte weitergeht ;)

Hypatia يقول...

انا كمان درست المانى وكرهته اوى على فكره وكنت فاشله فيه ومن زمان باقول انى نفسي اتعلم فرنسي لكن ظروف العمل والحياه شغلانى لكن الخطه الخماسيه القادمه حتكون الفرنسيه باذن الله
منتظره البقيه

Mohamed Shedou محمد شدو يقول...

د. لماضة
فعلا الفرنساوي فيه موسيقى غريبة
مجرد الكلام فيه موسيقى
عموما الواحد نفسه يدرس حاجات كتير
بس فين العزيمة والوقت
:)
_______________________

محمود باشا
حمد لله على سلامة الانترنت في ربوع مصر كلها
ولا هو لسه ما رجعش بكامل عافيته؟

_______________________

ابن فطومة

أهلا بالشباب المصري في ألمانيا
:)

سعيد بالمتابعة وبقية القصة قادمة بإذن الله

بس انت برضه لو كنت صبرت على بقية القصة ما كنتش دخلت فيا ألماني كده على طول
:)

___________________________

نسرين
ويا ترى الخطة الخماسية دي هستغرق كام سنة؟
:)

حمد الله على السلامة في مصر
انتم السابقون ونحن اللاحقون بالزيارة
ان شاء الله آمين

تابع جديد المدونة على بريدك الالكتروني

أرشيف المدونة

مرحباً بالزائرين